مال الحراملا تصح ولا تجب فيه الزكاة فهو ليس مملوكا لمن في يده. وهو كله خبث لا يطهر.
ولأن من شروط الزكاة أن يكون ملكا لصاحبه ومال الحرام ليس ملكا له.
فالمال الحرام الذي أخذ رشوة أو سرقة أو ربا أو أخذ غصبا من صاحبه يعتبر مالا حراما خبيثا وليس ملكا لمن أخذه بهذه الطرق، وكله خبيث لا يطهر فالواجب في هذا المال الحرام رده إلى أصحابه إن استطاع أن يعرفهم، وإلا وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه لا على سبيل التصدق به وهذا متفق عليه بين أصحاب المذاهب.
فالزكاة تجب على الأموال التي يملكها صاحبه من ماله الحر الحلال ولأن الزكاة تطهر المزكي وتطهر المال المزكى لقوله تعالى: ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) )سورة التوبة: 103
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم( لا يقبل الله صدقة من غلول.)
- فالله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيبا، فيجب أن يحرص المسلم على كسب المال الحلال، وأن يتخلص من المال الحرام إن وجد، فيجب أن يرده إلى أصحابه إن كان مسروقا أو مغصوبا، وبإنفاقه في أوجه البر المختلفة إن حصل عليه بطرق غير مشروعة كالتجارة ببيع المخدرات والخمر والأغاني والبارات والمصارف الربوية ونحوها.
- فقد قال صلى الله عليه وسلم : (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ) رواه مسلم
- فينبغي لمن ملك مالا حراما أو اختلط بمال حرام أن يسارع في رده إلى أصحابه قدر المستطاع وإن لم يستطع ذلك وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه لا على سبيل التصدق به ,
- وقد اتفق عليه أصحاب المذاهب الأربعة:
-الحنفية : لو كان المال الخبيث نصابا لا يلزم من هو بيده الزكاة؛ لأنه يجب إخراجه كله فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه.
-المالكية : تجب الزكاة على مالك النصاب فلا تجب على غير مالك كغاصب ومودَع .
-الشافعية كما نقله النووي عن الغزالي وأقره: إذا لم يكن في يده إلا مال حرام محض فلا حج عليه ولا زكاة , ولا تلزمه كفارة مالية .
-وقال الحنابلة : التصرفات الحكمية للغاصب في المال المغصوب تحرم ولا تصح , وذلك كالوضوء من ماء مغصوب والصلاة بثوب مغصوب أو في مكان مغصوب , وإخراج زكاة المال المغصوب , والحج منه , والعقود الواردة عليه كالبيع والإجارة " .
- والزكاة ركن من أركان الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [سورة النور: 56]،
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" متفق عليه .
- والحكمة من مشروعيتها :
(أنها دليل على صدق إيمان المؤمن المزكي لأن المال محبب للنفس البشرية، وتعلم الإنسان البذل والعطاء والبعد عن الشح وتزكية النفس والمال، وتجعل المجتمع الإسلامي متكافل متراحم متساوي، كما أنها تطفئ حقد الفقراء على الأغنياء، وتمنع الفقر والجرائم المالية والأخلاقية، وتقضي على السرقة والرشوة والسلب والنهب، وأنها سبب نزول الرحمات والخيرات والغيث من السماء، وتبعد ميتة السوء عن المزكي، وأنها تكفر الذنوب والمعاصي، وأنها سبب في دخول الجنة، وغيرها الكثير من الحكم).
- أما عن أهمية الزكاة في حياتنا.
فالزكاة حق للفقير والمسكين وابن السبيل والغارمين وفي الرقاب والمؤلفة قلويهم والعاملين عليها وفي سبيل الله ، فهي تسد حاجة هؤلاء ،ولأهميتها فقد قُرنت الزكاة بالصلاة في تسعة وعشرين موضعاً في القرآن الكريم، ووردت وحدها سبع وعشرون مرة. وهذا يدل على أهميتها.
- وتخفف الزكاة من معدل الجرائم؛ فالفقر يؤدي إلى الجريمة في بعض الأحيان، كأن يضطر الفقير للسرقة والقتل ليلبي حاجاته، وبهذا تأتي الزكاة لتمنع الجريمة بصورة غير مباشرة وتحد منها.
- وأجزم لو تم تطبيق الزكاة على مستوى العالم العربي والإسلامي سينتهي الفقر في كل العالم خلال بضع سنوات!!! ولن نجد فقيرا في الأرض!!! لأن الإسلام جاء رحمة للعالمين، حتى الكافر الفقير يعطى من مال الزكاة، وهذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى قبطياً يسأل الناس ضرب له من بيت مال المسلمين راتباً.