هل يوجد دين دعى إلى التضامن الاجتماعي كدعوة الإسلام لهذا الخلق

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٧ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 مما لا شك فيه ولا يختلف عليه اثنان أنه لا يوجد دين أو قانون أو تشريع دعا إلى التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد كما دعا إليه الإسلام .

1- وأهم مصطلح عبر عنه القرآن الكريم عن التضامن الاجتماعي الإسلامي هو قوله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) لأن رابطة الأخوة الإيمانية هي أهم رابط اجتماعي تضامني بين الناس، وهي أصدق تعبير عن الحقوق والواجبات الاجتماعية، وهي أقوى ما يَبعث في النفوس معانيَ التراحُم والتعاطف والتعاون، وتبادُل الشعور والإحساس؛ مما يُحقِّق للمجتمع المثالية التي تُخلصه للخير، وتَبعُد به عن الشر.

2- وضوابط هذه الأخوة تتمثل بما يلي :
1- أن المسلم هو أخو المسلم .
2- أن المسلم لا يظلم أخاه في المجتمع الإسلامي .
3- أن المسلم لا يكذب على أخيه المسلم ولا يُكّذّبه .
4- وأن المسلم لا يخذل أخاه المسلم .
5- وأن دم المسلم محرم على أخيه المسلم .
6- وأن مال المسلم محرم على أخيه المسلم إلا طوعا منه .
7- وأن عرض المسلم مقدس ومحرم على أخيه المسلم .
- وهذا ثابت في قول النبي صلى الله عليه وسلم :(المسلم أخو المسلم، لا يَظلمه ولا يَخذُله ولا يَكْذِبه، بحسْب امرئ من الشر أن يَحقِر أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام؛ دمُه، ومالُه، وعِرضه) أخرجه مسلم .

3- وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذا التضامن الاجتماعي بين المسلمين بالبنيان المرصوص التكامل الذي يشد بعضه بعضا ولا ينفصل عن بعضه البعض إلا عنوة ، فقال صلى الله عليه وسلم :(المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشد بعضه بعضًا) متفق عليه .

4- وأجمل ما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي هو ( الجسد الواحد)!!!

- فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه

5- وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على وجود المحبة الدائمة في المجتمع الإسلامي وجعلها شرطاً للإيمان!! فقال صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه .

6- كما بين النبي - صلى الله عليه وسلم أن الإيمان متوقف على المحبة، فقال: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" .
فبين النبي- صلى الله عليه وسلم _ في هذا الحديث الأسباب الجالبة للمحبة، بقوله: أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم، فالمقصود أن من مقاصد الشريعة وجود المحبة بين المسلمين

7- والتضامن الاجتماعي في الإسلام ينقسم إلى قسمين :
الأول : تضامن معنوي : وهو الشعور النفسي والتضامن الأدبي مع بقية أفراد المجتمع المسلم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم وألمهم، ويحب لهم الخير كما يحبه لنفسه.

الثاني : تضامن مادي: وهو بذل المال والوقت لإعانة المحتاجين ومساعدتهم؛ للتغلب على ظرفهم وتحسين أحوالهم.
- فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كان معه فضل ظهر فليَعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل"رواه مسلم.

8- ولم ينسى الإسلام التضامن المادي بين أفراد المجتمع الواحد - بحيث يكونا كأسنان المشط متساوون في الحقوق والواجبات - فشرع واجب الزكاة والصدقات للفقراء والمحتاجين في المجتمع فقال تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”، وهي فريضة على الأغنياء المالكين للنصاب الفائض على حاجتهم، كذلك أوجب صدقة الفطر في رمضان لتكون معيناً للفقير في هذا الشهر الكريم، وفرحة يدخله المسلم على الأطفال في يوم العيد.

9- كما شرع العديد من المعاملات المالية التي تحقق التكافل وتعزز التضامن بين الأفراد كالهبات والصدقات والعواري والأوقاف وغيرها.
ولم يكن التكافل مقتصراً على المسلم وحده وإنما تعدى ذلك ليشمل كل إنسان محتاج للمساعدة والعون حتى وإن كان غير مسلم، فقال تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” ولا يكون أسيراً إلا إذا كان عدواً"

- وعليه فلا يوجد دين على وجه الأرض قد راعى هذه الجوانب كلها بين الناس سوى الدين الإسلامي الذي نعتز بالانتماء إليه والحمد لله .