هل يمكنك أن تخبرني عن بعض رواد الأدب في العصر الفيكتوري

لطالما كان الأدب هو اللغة التي ترسم كلمات العصر،  وتعبر عن فحوى أرواحه التي تسكن زوايا عالمه وتأسس في كل ركن من أركانه حكاية.
حكايات عديدة تعبر عبر ممرات الزمن وتترك آثارها لتنطوي بين صفحات التاريخ،  وتجعل الحروف تنشد ترانيمها الخالدة عبر بوابة الأدب والكلمات.

ومن هذا المنطلق صنف الكُتاب أعمالهم الأدبية وأصبح لكل عصر ميزاته المستنبطة من الواقع الذي يسيطر على المجتمعات،  فاعتبرت الكتب بمثابة البوابة التي تقود القارئ نحو الزمان الذي عاش فيه الكاتب،  والذي بدوره يجسد رأيه وينقل الوقائع التي مر بها عالمه في هذه الحقبة الزمنية عبر كلماته وبين طيات صفحات كتابه الذي حفظ على أحد أرفف المكتبات الخالدة في هذا الكون الشاسع.

ولعل العصر الفيكتوري حصد العديد من الكلمات التي عبرت عن الواقع المتجسد في كل زوايا عالمه،  ومن هنا انطلق مسمى (أدب العصر الفيكتوري) والذي استنبط اسمه من اسم الملكة فيكتوريا حاكمة بريطانيا في القرن التاسع عشر والتي اعتبر حكمها الأطول في تاريخ إنجلترا.

امتاز العصر الفيكتوري بالتغيرات العظيمة التي أثرت على المجتمع والعالم بأسره حيث شهد العديد من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،  وازدهرت التجارة العالمية وأصبحت دولة بريطانيا من أعظم الدول في العالم،  وانتشر العلم وتقدمت التكنولوجيا،  ولعل الأدب كان من أكثر المتأثرين بهذه التغيرات حيث استطاع الكاتب في هذا العصر أن ينقل الواقع ويعبر عن رؤيته بهذه المرحلة،  ومن هنا انطلق للعالم العديد من الكتاب الذين تركوا بصمة واضحة في التاريخ وعبروا عن عالمهم الروحي عبر الواقع الذي سجلت تفاصيله عبر كلماتهم وفي صفحات كتبهم وروايتهم ولعل أبرز رواد الأدب في العصر الفيكتوري يتمثل كالآتي:

-تشارلز ديكنز
"إن الكثيرين مِمَّنْ أبلاهم الجوع يغمضون أعينهم في شوارعنا العارية،  في أمثال هذه المناسبات،  وهم مهما تكن الجرائم التي اقترفوها،  أعجز من أن يفتحوها على عالم أشد قسوة وغلظة. "

من خلال هذه الكلمات استطاع الكاتب تشارلز ديكينز أن يعبر عن رؤيته للواقع ويترجمها عبر كلماته إلى رواية عظيمة تعد من أفضل الروايات في العصر الفيكتوري والتي حفرت اسمها على جدران صفحات التاريخ.

الكاتب الذي استطاع أن يغوص في أعماق العالم السفلي،  ويقرأ معنات الطبقات الفقيرة ويرسمها عبر كلماته،  ويخلق العديد من الشخصيات التي أبحرت معه في عالم كتبه وتوغلت في ضباب الشوارع ودخان مداخن المصانع،  لتغدو من أشهر الشخصيات التي نقلت الواقع في العصر الفيكتوري عبر أجسادها الخيالية وأرواحها السرمدية،  ولعل أبرز تلك الشخصيات يتجسد في رواية أوليفر تويست التي تعتبر من أشهر الروايات العالمية وأكثرهم شعبية عبر العصور.

استطاع الكاتب تشارلز ديكينز من خلال روايته أن يحاكي الحياة البائسة والفجوة الاجتماعية الكبيرة التي نشأت في العصر الفيكتوري،  وذلك من خلال أوليفر الطفل اليتيم الذي عبر عن معاني الطفولة البائسة والوحدة التي جسدها بتفاصيل العذاب والألم التي عانت منها الشخصية الرئيسية،  ليشكل ديكينز عبر كلماته قصة إنسانية تلامس قلوب جميع البشر.

-وليم ثاكري
أحد أشهر رواد الأدب الفيكتوري والذي استطاع أن يرسم لوحة تجسد المجتمع الإنجليزي بكافة تفاصيله ويترجم أصوات عالمه عبر قلمه وحروفه.

ولعل أبرز أعماله يتجسد في رواية (دار الغرور)،  الذي استطاع من خلالها أن يعبر عن التناقضات الاجتماعية والمشاكل التي واجهت المجتمع من الفساد والنفاق وتجسيدها عبر رواية بلا أبطال كما كان يصف روايته الشهيرة.

خلدت أعمال الكاتب وليم ثاكري وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل،  واقتبس منها العديد من الأفلام والأعمال الفنية الناجحة.

من وجهة نظري إن سبب نجاح الكاتب في أي عصر يعود إلى قدرته على تشكيل كتاب يحمل بين صفحاته أرواح شخصيات عبرت على أرض الواقع ومزجت أطيافها بنفحات من الخيال الذي اقتبس نوره من عالم الكاتب،  لتخلد الكلمات تفاصيل حكاياتها وترثها الأجيال وتطلق على مبتكرها لقب رائد،  ولعل العصر الفيكتوري كان من أكثر العصور الغنية برواد الأدب الذين استنبطوا كلماتهم من زوايا واقعه المميز.