السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإن الإجابة على مثل هذا السؤال تحتاج إلى حكمة وتريث ورزانة عقل وبصيرة فقد سبق ذكر هل التفكير المفرط مرض نفسي أم عبقرية وذكاء؟ نقول بأن الإفراط في أي شيء يفقده وظيفته الأساسية التي وجد لها حتى قيل: «إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده».
خير مثال ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: «بسم الله الرحمن الرحيم؛ (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)» قد يقول قائل ما دخل الإنفاق والتبذير في موضوع التفكير المفرط، فنقول هذا مثال فقط عن الاعتدال في الأشياء وضرورة الميل إلى الوسطية حتى في التفكير ونقول عموماً أن كلمة الإفراط ما من شيء دخلت عليه إلا وأفسدته مثلاً: الإفراط في تناول المنبهات، الإفراط في الأكل والشرب، الإفراط في ممارسة الرياضة، الإفراط في العمل، الإفراط في السهر، الإفراط في التفكير...... الخ وكأن كلمة الإفراط يقصد بها تحمل ما لا طاقة للإنسان على استيعابه والقيام به. قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين».
الإفراط في التفكير في مجال الدين قد نهانا الله عنه كإحداث البدع أو محدثات الأمور أو الاجتهادات الزائدة «فما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» ووجب على المسلم ضرورة تغليب نقل المعلومة على العقل فلا نجتهد بالعقل لنقول لو أن الرسول كان في هذا العصر لفعل هذا أو ما شابه بل وجب علينا الامتثال لقول الله تعالى ورسوله الكريم والصحابة والتابعين وتابعي التابعين إلى علماء الأمة المعاصرين، فلو قلنا عكس هذا لأفتى المجنون فاقد العقل والمعتوه والأبله ومتبع الهوى والبليد وكل يقول قال وأملى علي عقلي.
الاجتهاد في المجالات العلمية شيء جميل ومقبول لما للموضوع من أهمية بالغة فالاجتهاد في التفكير العلمي المتواصل بهدف اختراع شيء جديد تسهل به حياة الناس شيء ممدوح شرعاً فمن طلب العلا سهر الليالي، وكل اجتهاد ثمره النجاح والتفكير الإيجابي تنال به المطالب وتنار به السبل ويهتدي به البشر، نتمنى لنا ولكم التوفيق والسداد والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة والله أعلم وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.