أما دعاؤه لأخيه الظالم بالمغفرة مع أن أخاه لم يتب من معصيته ويرجع عن ظلمه فإنه غير مقبول ، إذ كيف يغفر الله لعبد ذنباً وهو مقيم عليه مستمر فيه غير مقلع عنه ولا نادم عليه؟!
إذ إن من شروط توبة الله على عبده : 1. أن يقلع العبد عن ذنبه 2. ويندم على ما فعل وأسلف 3. ويعزم على عدم العودة 4. وأن يرجع الحقوق لأصحابها إن كان هناك حقوق ومظالم .
فالمحل الذي تدعو له غير صالح لقبول الله إجابة دعائك فهو ليس أهلاً للصفح و المغفرة ما دام المدعو له مقيماً على المعصية مصراً عليها .
أما دعاء الله بعدم انتقام الله منه فقد يكون نوعاً من رجاء الله إمهاله وإعطائه فرصة للهداية والرجوع عن ظلمه وإقلاعه عن معصيته ، وهو قريب من دعاء الله له بالهداية وأن يلهمه التوبة والصواب و الرجوع عن ظلمه ، وهو جائز ويمكن أن يستجيب الله مثل هذا الدعاء ، لأنه يجوز الدعاء للكافر والظالم والعاصي بالهداية .
وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ" ، قال عبد الله بن عمر رواي الحديث : فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ ( رواه أحمد والترمذي ).
والشاهد أن النبي عليه السلام دعا الله أن يهدي أحد الرجلين ويعز به الإسلام ، مع أنهما وقتها كانا من أشد أعداء الإسلام وأشدهما عداوة وإيذاء للمسلمين وكان بعض المسلمين يقول " لا يسلم ابن الخطاب حتى يسلم حمار الخطاب " ! لكن الله استجاب دعاء نبيه في عمر فصار عمر هو الفاروق وخير هذه الأمة بعد نبيها وأبي بكر الصديق .
وكذلك لما عصت قبيلة دوس وأبت الإسلام في أول دعوة عمرو بن الطفيل الدوسي لهم وشكاهم عمرو إلى النبي رفع يديه وقال " اللهم اهد دوساً "
ونفس الأمر مع ثقيف لما حاصرهم رسول الله في الطائف وامتنعوا عن الإسلام وطلب المسلمون من رسول الله أن يدعو عليهم رفع يديه وقال " اللهم اهد ثقيف وائت بهم مسلمين ".
والشواهد كثيرة على دعاء رسول الله للكافر بالهداية ، فإذا جاز الدعاء للكافر للهداية فمن باب أولى الدعاء للمسلم الظالم بالهداية ، ومن ذلك دعاء الله ألا يعاجله بالعقوبة وأن يمهله حتى يتوب ويرجع عن ظلمه .
والله أعلم