مال الزوج هو ملك للزوج ، والأصل أنه ليس للزوجة التصرف به دون علمه أو إذنه ، ومن ذلك الصدقة ، فالأصل أنه لا يجوز لها التصدق بمال زوجها بدون علمه وإذنه ويعد ذلك تعديا عليه تضمنه ، إلا إذا أذن لها إذنا خاصا بتلك الصدقة أو أعطاها إذنا عاما بأن تتصدق بماله كيفما تشاء .
و استثنى بعض العلماء الصدقة بالشيء اليسير الذي جرت العادة والعرف على التسامح بمثله ، كالشيء اليسير من طعام البيت ، إلا إذا كان قد منعها من ذلك أيضا صراحة فلا يجوز لها الصدقة بذلك أيضا .
روى أبو داود عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا الطَّعَامَ ؟ قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا ) .( صححه الألباني ).
وقال الإمام ابن قدامة في كتاب المغني :
" وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ;
إحْدَاهُمَا , الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا .
...
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ . .."
ثم رجح ابن قدمة الرواية الأولى بجواز صدقتها باليسير الذي جرت العادة التسامج بمثله دون علمه ، إلا إذا منعها من ذلك أيضا صراحة ، حيث قال رحمه الله :
"فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ : لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ , وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ . لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ " .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة " "الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به ، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها ، والأجر بينهما .." .
والله أعلم