ما دام مقعدا فهذا يعني أنه لا يستطيع القيام مطلقا ولا يرجى زوال علته ومرضه ، والصلاة خلف من هذه حاله الأرجح عدم جوازها خاصة في صلاة الفرض ، أما النفل فالأمر فيها أخف .
وتفصيل ذلك :
ان للعلماء ثلاثة مذاهب في صحة صلاة القاعد العاجز عن القيام بالقائم :
- فذهب الحنفية والشافعية إلى جواز صلاة القاعد بالقائم ، مع وجوب القيام في حق القادر على القيام ، واستدلوا لذلك بصلاة النبي آخر حياته بالصحابة وهم قيام وهو جالس لمرضه عليه الصلاة والسلام .
- ومذهب المالكية عدم صحة إمامة القاعد بالقائم لأنه يفضي إلى المخالفة بين هيئة الإمام والمأموم .
- ومذهب الحنابلة هو عدم صحة صلاة القاعد بالقائم إلا بشرطين :
- أن يكون القاعد هو إمام الحي الراتب ، لأنه في هذه الحال هو الأحق بالإمامة ولا يسقط حقه إلا لمانع يمنع صحة صلاته.
- أن تكون علته ومرضه الذي أدى إلى جلوسه مؤقتا يرجى زواله وشفاؤه منه ، لأنه في هذه الحال سيكون صلاتهم خلفه وهو قاعد أمر مؤقت يزول بزوال العلة وليس دائما.
ومذهب الحنابلة أنه إذا صلى إمام الحي المريض الذي يرجى شفاؤه جالسا استحب للمصلين أن يصلوا خلفه جلوسا للحديث المتفق عليه وفيه ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) مع صحة صلاتهم خلفه قياما.
وهذا إذا ابتدأ الإمام صلاته جالسا أما إذا ابتدأها قائما ثم جلس فإن المأمومين يتمون الصلاة خلفه قياما ، وحملوا على هذه الصورة حديث إمامة النبي عليه الصلاة والسلام بالصحابة في آخر أيامه لما خرج من حجرته وهم يصلون خلف أبي بكر رضي الله عنه فتأخر أبو بكر وأكمل النبي الصلاة بهم وهو جالس وهم قيام .
ومذهب الحنابلة أرجح في هذه المسألة - والله أعلم - لأن فيه جمعا بين الأحاديث في هذه المسألة وحمل كل حديث على حالة ، مع التنبيه أن الظاهر من الحديث وجوب جلوس المصلين خلف الإمام في الحال التي تجوز إمامته بهم وهو ما اجتمع فيها الشرطان المذكوران 1. أن يكون إمام راتبا 2. أن يرجى زوال مرضه وشفاؤه من علته:
لأنه إذا كانت علته دائمة لا يرجى زوالها كالمقعد فهنا نكون بين أحد أمرين :
- أما سيكون هناك مخالفة بين هيئة الإمام والمأمومين فيكون هو قاعد دائما والمامومين قياما وهو امر لا تحبه الشريعة لأن فيه صورة تكبر .
- وإما أن يلزم منه صلاة المأمومين جلوسا دائما وهذا فيه إسقاط لركن القيام دون ضرورة .
والله أعلم
.
254 مشاهدة
