الأولى والأحوط لك هو عدم الزواج بها خروجاً من خلاف العلماء ، لأن بعض العلماء يعدها أختاً لك في الرضاعة تحرم عليك ، ولكن لو حصل وتزوجت بها فالأرجح هو الجواز إلا إذا ثبت أنها رضعت من أمك خمس رضعات .
وتفصيل ذلك :
أن الأصل الشرعي : أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فمن كانت أختك في الرضاعة فهي كأختك في النسب يحرم عليك الزواج منها ، ولكن كم رضعة يشترط حتى تثبت أحكام الرضاع ؟
هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء على قولين رئيسين :
القول الأول : أن التحريم يثبت بقليل الرضاع وكثيره ، فرضعة واحدة تكفي لثبوت أحكام الرضاع ، وهذا قول الحنفية والمالكية، واستدلوا بالآيات والأحاديث التي ذكرت ثبوت أحكام الرضاع مطلقة عن اشتراط العدد.
مثل قوله تعالى لما ذكر المحرمات في الزواج " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " ( سورة النساء ، 23) .
فالآية ذكرت تحريم الأخت من الرضاعة ، وأطلقت التحريم ولم تشترط عدداً معيناً للرضعات.
ومثل قوله عليه السلام " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ( متفق عليه ) .
فالحديث أيضاً أطلق التحريم بالرضاعة ولم يقيدها بعدد معين .
وبناءً على هذا القول : تكون هذه البنت أختاً لك من الرضاعة ، وهي محرمة عليك لا يجوز لك الزواج بها ، وتعتبر كأختك في النسب .
القول الثاني : أنه يشترط لثبوت التحريم بالرضاعة خمس رضعات متفرقات مشبعات، والشبع يكون بترك الصبي الارتضاع ، فلو ترك الرضاعة ثم عاد إليها في نفس المجلس فهي رضعتان ، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة ، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان فيما أنزل من القران عشر رضعات معلومات يحرمن ، فنسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القران " (رواه مسلم ) .
ومعنى هذا أنه نسخت تلاوة هذه الآية التي كان فيها ذكر اشتراط 10 رضعات لثبوت التحريم بالرضاعة ونسخ حكمها إلى 5 رضعات ، ولكن بعض الناس لم يكن يعلم بالنسخ حتى كانوا يقرأون تلك الآية التي نسخت .
فالشافعية والحنابلة قالوا : النصوص التي لم تذكر العدد نقيدها بالنص الذي ذكر واشترط العدد ، وعليه يشترط لثبوت التحريم في الرضاع خمس رضعات ، فإذا رضعت أقل من ذلك فلا يثبت التحريم .
وبناء على هذا القول : تكون البنت التي سألت عنها ليست أختاً لك في الرضاع ويجوز لك الزواج بها ، لعدم ثبوت التحريم .
وقوانين الأحوال الشخصية في البلدان العربية كثير منها أخذ بهذا القول الذي يشترط خمس رضعات معلومات لثبوت التحريم .
لكن الأحوط والأفضل لك عدم الزواج بهذه الفتاة على كل حال ، فنحن وإنا كنا نقول أن القول الثاني أرجح وأقوى ، لكن يبقى الأحوط والأفضل هو عدم زواجك بعداً عن خلاف العلماء ، فمن كان لم يرتبط بالمرأة بعد نقول له اتركها إلى غيرها أفضل ، والنساء سواها كثير ، ومن كان تزوج بامرأة ثم تبين له أنها كانت رضعت من أمه مثلا رضعتين فلا نأمره بفسخ النكاح حتى يثبت أنها رضعت خمس رضعات مشبعات.
ولكن مع استحباب أخذك بالاحتياط وعدم زواجك بهذه الفتاة خروجاً من خلاف العلماء ، فلا تثبت باقي أحكام الرضاعة من المحرمية و جواز الخلوة بها ونحو ذلك .
والله أعلم