لا يتوجب عليك عمل ما سميته أو يسميه الناس "رحمة " عن الميت سواء كان ميتاً أو شهيداً فيما نحسبه ،بل لا يشرع مثل هذا العمل أيضاً إذا كان فيه بدع أو عادات تخالف الشرع .
و إن كان المقصود هو عمل بعض أعمال البر المشروعة أصلا في الشرع كالصدقة أو أداء الحج أو العمرة عن الميت فهذا ينفعه إن شاء الله سواءً كان ميتاً أو شهيداً ، ولكن لا يسمى رحمة ، وليس بواجب ولكنه من الإحسان إلى الميت وبره بعد موته .
وإنما الواجب هو قضاء ديون الميت من تركته وميراثه سواءً كانت هذه الحقوق لله تعالى كقضاء رمضان فيطعم مساكيناً من تركته أو نذر أو زكاة لم يخرجها فهذه ديون وحقوق لله يجب إخراجها ، أو ديون للبشر فيجب قضاؤها وسدادها من تركته وماله الذي خلفه بعده .
ثم يستحب الإحسان إلى الميت بعد ذلك بالدعاء له والاستغفار له ، والصدقة عنه ، والحج او العمرة عنه ، فهذه من أعمال البر التي يصل ثوابها إلى الميت وينتفع بها بإذن الله ،ولا فرق في ذلك بين الشهيد وغيره .
فعن عائشة رضي الله عنها : " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : ( نَعَمْ ) " (متفق عليه)
.قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : " وفي هذا الحديث : أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها , وهو كذلك بإجماع العلماء , وكذا أجمعوا على وصول الدعاء وقضاء الدين بالنصوص الواردة في الجميع " . .
وقال ابن قدامه رحمه الله في كتابه المغني : " وأي قربة فعلها , وجعل ثوابها للميت المسلم , نفعه ذلك , إن شاء الله , أما الدعاء , والاستغفار , والصدقة , وأداء الواجبات , فلا أعلم فيه خلافا , إذا كانت الواجبات ، مما يدخله النيابة " .
فابن قدامة رحمه الله وسع القربات التي يجوز هبة ثوابها للميت فجعل أي قربة تنفع الميت إن شاء الله ، إن قصد هبة ثوابها للميت ، ولكن الأولى على كل حال الالتزام في ذلك بما جاء فيه النص خصوصاً وهو الدعاء والاستغفار والصدقة وقضاء الحقوق والديون الدينية والدنيوية .
والعبرة في كل ذلك بالإخلاص في العمل ، أما التباهي والرياء والمظاهر التي يفعلها بعض الناس من الحرص على كتابة أسماء الاموات وإظهارها ونحو ذلك ، فالرياء يذهب أجر الصدقة وتبطلها ولا ينال الميت منها شيء .
والله أعلم