نعم هناك نية خبيثة، فكما أن هناك نية حسنة فهناك نية سيئة وكما أن هناك نية طيبة فهناك نية خبيثة!
فالنية معناها أصلاً هو القصد والتوجه، وهو ما عقد عليه الواحد منا عزمه وقصده في عمله من مقاصد، والمقاصد كما هو معلوم قد تكون حسنة وطيبة وقد تكون سيئة وخبيثة، فهذا موجود فهذا وموجود.
فالنية في أصلها أمر خلقي وسنة كونية ولا يمكن للإنسان أن يقوم بأي عمل إرادي إلا وله فيه نية ومقصد معين، لذلك كان من أصدق الأسماء كما جاء في الحديث (حارث وهمام)، قال العلماء ان الإنسان لا يخلو من عمل وهو الحرث، وهم وهو النية.
والشريعة إنما جاءت بأمرنا بتصحيح النية وتحسينها وإخلاصها لله تعالى، ولم تأت بأمرنا بإيجاد النية، لأن وجود النية في الإنسان أمر فطري فيه لا يستطيع فعل خلافه أصلاً.
فأنت لست بحاجة إلى دليل شرعي على وجود النية الخبيثة لأن هذا أمر مشاهد في الواقع فالعمل الخبيث دليل النية الخبيثة، والخبيث أمر مشاهد في المجتمع.
ولكن مع ذلك إذا أردت دليلا من الجهة الشرعية على انقسام النيات إلى طيبة وخبيثة فالنصوص كثيرة منها:
-قال تعالى (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا.. (الأعراف، 58).
وهذه الآية ذكر فيها الأرض وقصد منها البشر والناس فكما أن الأرض فيها الطيب الذي ينبت والخبث الذي لا ينبت، فكذا البش فيهم الطيب صاحب النية الطيبة والخبيث صاحب النية الخبيثة.
-وقال تعالى ( قل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ... (المائدة، 100).
فالله تعالى فسم الخلق إلى طيب وهو المؤمن صاحب النية الطبية في الأصل والخبيث وهو الكافر صاحب النية والسريرة الخبيثة .
-وقال تعالى ( مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ.. (آل عمران، 179).
والخبيث صاحب النية الخبيثة هنا هو المنافق المتستر بالإسلام وهو كذاب يقصد الخداع في الحقيقة.
فهذه بعض النصوص التي جاء فيها وصف الخبيث وذكره والدالة على وجود مثل هذه النية.
وأنبهك أن أعظم الخبث في الشريعة هو النفاق الأكبر وصاحبه في الدرك الأسفل من النار، ثم الكافر فهو خبيث كما وصفه القرآن ووصفته السنة، ثم الخبث الذي هو معصية لا تخرج المسلم من دينه، فالخبث درجات.
والله أعلم