إن الإقبال على قراءة كتاب في أي مجال تحبه كفيلٌ في أن يحسّن مزاجك إلى الأفضل. فما رأيك لو قرأت روايًة تحملك معها إلى عالمٍ وزمنٍ آخر، وتعيش أحداثها كأنك فردٌ من شخصياتها. ولا يشترط طبعًا بأن تكون رواية بنهاية سعيدة، أو أنها فقط تحمل أفكارًا زاهية. إن جمال الرواية في دقة تفاصيلها، وإبداع الكاتب بسرد أحداثها؛ حيث أنك كلما تعمقت، كلما شدّتك الرواية أكثر إليها.
قد عشت هذه التجربة بشكل شخصي مع أحب الروايات إلي. رواية "ذهب مع الريح" لكاتبتها مارغريت ميتشل التي لم تكتب غيرها. الرواية التي بيع منها أكثر من مليون نسخة خلال الستة شهور الأولى. واستغرقت الكاتبة في كتابتها ٦ سنوات، واعتبرها الأمريكيون أفضل رواية في أدبهم للقرن العشرين. بل وتمّت ترجمتها لأغلب لغات العالم. وأخرجتها السينما بفيلم يحمل نفس الأسم، وحقق أعلى ربح في تاريخ هوليوود.
محور هذا العمل كان قصة حب بين شخصيتين صلبتي المراس هما "سكارلت أوهارا" و"ريت بتلر". لكن لا تتوقف القصة على الرومانسية فقط، بل أن زمن القصة كان يقع في فترة الحرب الأهلية الأميركية بين ولايات الشمال والجنوب. وتسترسل مارغريت ميتشل بالسرد الرائع للأحداث، ووصف الحرب، وحال المواطنين، ومشاعر الحب التي ترفض الخروج علنًا.
كان وصف الكاتبة للأحوال الاجتماعية خلال الحرب الأهلية على نحو لا يوصف، حتى أن الكثير من كتب التاريخ ما كانت لتستطيع تجسيد الحالة الاجتماعية الحقيقية بهذا الشكل. لذا لا شك من أن كل قارئ سيستطيع أن يلمس واقع تلك الفترة، وأن يفهم تأثير الحرب من أكثر من نظرة وعلى أكثر من طبقة اجتماعية، وأن يشعر كما شخصيات الرواية، وأن يتشوق حبًا للنهاية.
ثم أن هنالك التطور الرائع لبطلة الرواية سكارليت، التي عرضتها كأنها شخصية أكثر من واقعية، لذا تجد الجمهور استطاع استيعاب هذه التطورات بسلاسة. فالتحول من فتاة مدللة إلى إمرأة قوية يحتاج قلمًا مبدعًا لشرحه بلا تعجّل أو مماطلة تبعث على الملل.
أذكر أنه عند قراءتي لهذه الرواية وانهاءها؛ لازمتني مشاعر السعادة فترة طويلة. فقد كنت حقًّا كمن يعيش بين الصفحات والسطور حتى تنتهي الأحداث، ثم يقفز عائِدًا للواقع وحاملًا كلّ المشاعر التي يطبعها عملٌ كهذا داخل القلب.
4443 مشاهدة
