لم تذكر الطائرة في القرآن بصورة صريحة ولكن القرآن الكريم قد أشار في أكثر من موضع إلى موضوع طير الطائر في الهواء وفي جو السماء .
1- قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ [سورة الملك {19}].
2- وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة النحل {79}].
- فمن خلال النظر في الآيات الكريمة السابقة يتبيّن لنا قدرة الله تعالى وبديع صنعته وحكمته في خلق الطيور , فإنَّه سبحانه خلق الطير وزوده بآلات تمكنه من الطيران, فجعل له جناحين يبسطهما ويقبضهما, ليتغلب بذلك على مقاومة الهواء والجاذبية, وميزه عن غيره بالجسم والشكل والوزن, ليستفيد مما سخر الله سبحانه من طبيعة الجو فَيَسْهُلُ عليه خرقه ونفاذه فيه.
- وهذه دعوى للتفكير في طير الطائر في السماء ، فقوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ) فيه إعجاز علمي - حيث تحقق الطيران بعد مدة طويلة جداً من نزول القرآن الكريم .
- فقوله تعالى: (صافات): جاءت اسماً لأنه يدل على الدوام والثبوت, ولأن أصل الحركة في الطيران صف الجناح (التحليق), وهي تدل على سكون الأجنحة وعدم حركتها, فلا يكون الطيران بفعل الطير ذاته بل بفعل التيارات الهوائية التي تحمله.
- أما قوله تعالى: (يَقْبِضْنَ) فهو فعل مضارع يدل على الحركة والتجديد والإستمرار المستقبلي لأن القبض متجدد, فعُبِّرَ عنه بالفعل, لأن الفعل يُعَبِّرُ عن التجدد والحدوث, فعندما يبسط الطير جناحيه ويقبضهما بشكل مستمر, نسمي هذه الحركات بالرفرفة.
-وبما أن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء, والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها, قال الله عزَّ وجلّ: (صافات وَيَقْبِضْنَ) فمن رحمة الهي تعالى أنه ألهما كيفية البسط والقبض لتنفعها, ولنربط السبب بالمسبب.
- ومعنى قوله تعالى: (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ). و(مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ) فالله تعالى بقدرة يمسك تلك الطيور أن تقع على الأرض - رغم أن طبيعة الأجسام تنجذب إليها بفعل الجاذبية الأرضية ، وضمن منظومة هندسية في طبيعة الجو وتسخيره لها, وكذا بما أودع فيها من الأشكال والخصائص وألهمها بحركات تمنعها من الوقوع.
- ولو نظرنا إلى أوجه الإعجاز في طير الطائر نلاحظ النقاط التالية :
1 –دقة اللفظ القرآني من خلال التعبير عن التحليق بكلمة (صافات), وعن الرفرفة بقول الله تعالى: (صافات وَيَقْبِضْنَ).
2 – تهيئة وتسخير الجو المناسب للطيران , وتزويد الطيور بأجهزة خاصة تمكنها من عملية الطيران, وهذا واضح في قول الله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ).
3 – مقاومة السقوط والتغلب على قوى الجاذبية التي تحاول إسقاط الطيور, التي لا يمسكها أن تقع إلا الله فقال سبحانه: (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ).
4– دعوة للتفكير والابتكار والاختراع لآلات تساعدنا على الطيران وارتياد أعالي الجو, مثل الطائرات بأنواعها, كل واحدة منها تمثل نوعاً من الطيور التي زودت بأشكال مختلفة, عندما نبهنا الله الخالق المصور بقوله: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ), وأن عملية الطيران آية من آياته التي تدل على أنه واحد لا إله غيره.
- ومن ذلك نستنتج من أن طيران الطيور تعد من الآيات المعجزة التي لم تكتشف إلا بعد تقدم علوم الطيران والبحث في النظريات الحركة التي تسمى (الديناميك الهوائية) ومما يثير العجب في ذلك هو قدرة هذا الطائر على الطيران في الجو بجناحين ساكنين بدون تدخل أي عوامل إضافية ويبقى يطير حتى يغيب عن الأبصار