نعم الجن والشياطين يموتون ولا يُوجد دليل على أنهم مُنْظَرون كإبليس لعنه الله.
يقول الله تعالى لما طرد إبليس من الجنة (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) سورة ص آية 79-81،
-يقول الإمام الشوكاني في كتابه فتح القدير في تفسير قوله تعالى: (إلى يوم الوقت المعلوم): أي الذي قَدَّرَهُ الله لفناء الخلائق وهو عند النفخة الآخرة، وقيل هو النفخة الأولى. قيل إنما طلب إبليس الإنظار إلى يوم البعث ليتخلص من الموت لأنه إذا أنظر إلى يوم البعث لم يمت قبل البعث وعند مجيء البعث لا يموت فحينئذ يتخلص من الموت فأجيب بما يبطل مراده وينقض عليه مقصده وهو الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهو الذي يعلمه الله ولا يعلمه غيره "
-فيدل على أن إبليس لعنه الله ما يزال حياً، وأنه ما يزال يُفسد في الأرض ويُضِّل الناس عن سبيل الله. وأنه ليس مُخلداً إلى يوم القيامة، بل له أجل سوف يموت فيه، والله أعلم بهذا الأجل.
فمن الإبتلاءات التي ابتلانا الله به، وجود إبليس لعنه الله، فجعله الله من المنظرين إلى وقت معلوم، ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر ويصدّ عن الخير ويأمر بالشر، فيصدقه من يشاء، وقد يتبعه خلق كثير من بني آدم، فضلَّ وأَضَلَّ.
-وقد ذكر القرآن الكريم بأن كل الخلائق والأنفس ستموت على أنَّ إبْليس لا يَموت إلا يوم القيامة قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) سورة آل عمران آية: 185
وقول الله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) سورة الرحمن 26، 27
-فإبليس يبقى إلى يوم القيامة ليموت بأمر الله تعالى أمَّا ذُرية إبليس فيموتون كما يموت بنو آدم، ولكلٍّ أجلٌ طال أو قَصُر، لأنه لا يُوجد دليل على أنهم مُنْظَرون كإبليس، فيَصْدُق عليهم ما يَصْدُق على كلِّ كائن حيٍّ.
ويقول الله تعالى عن الكفار: (أُولَئِكَ الذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) سورة الأحقاف: آية 18
ويتبين لنا بأن هناك أمم قد سبقت من الجن والإنس، وماتت.
كما وردت آثار تدل على أن ابن عباس رضي الله عنه سُئل عن موت الجِنِّ فقال: يموتون إلا إبليس.
والشياطين خلقهم الله تعالى من نار ليمتحن بها بني آدم هل يستجيبون لأمر الله أو لأمر الشيطان.
- ولقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى إبليس على صورته الحقيقة كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك. ثم قال: ألعنك بلعنة الله، ثلاثا، وبسط يده كأنه يتناول شيئا. فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك! ورأيناك بسطت يدك؟! قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات. ثم أردت أخذه؛ والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " رواه مسلم
وعليه: فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يبقى إبليس وذريته أحياء من أجل اختبار الناس هل يتبعون إبليس أو يتخذوه عدواً كما طلب الله تعالى منهم، وهو لعنة الله ما زال حياً، ولكنه سيموت في الوقت المعلوم الذي أنظره الله إليه، وعلى القول الراجح من أقوال أهل العلم أنه سيموت في النفخة الأولى عندما ينفخ صاحب البوق فتموت جميع الخلائق.
والله تعالى أعلم.