الصدقة أمام الناس سواء يعرفون المتصدق أولا يعرفونه تعتبر صدقة علنية وليست صدقة سرية.
- والأهم في الصدقة سواء كانت سرية أم علنية هو النية والإخلاص لله تعالى، قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة البقرة/271.
- وقد علق ابن كثير رحمه الله في تفسيره على هذه الآية فقال: إن معنى قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) أي: إن أظهرتموها فنعم شيء هي، وقوله: (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم) فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية "
- ويفهم من خلال النص القرآني ومن خلال قول ابن كثير رحمه الله أن الأفضل في السنة النبوية هو استحباب الإخفاء الشديد، فلا يعلم أحد عن تلك الصدقة، لا قريب ولا بعيد، ولا صديق ولا غريب.
- ومن هنا تجد أن إخفاء الصدقة والنية الخالصة هي سبب لقبولها وأن صاحبها من السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله! فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وذكر منهم وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) رواه البخاري ومسلم
- ولكن في بعض الحالات قد تكون صدقة العلانية أفضل، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فأما صدقة النفل فالقرآن صرح بأنها أفضل منها في الجهر بيد أن علماءنا قالوا: إن هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف باختلاف المعطي لها والمعطى إياها والناس والشاهدين لها. أما المعطي فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة وآفتها الريا والمن والأذى، وأما المعطى إياها فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف.
- والعلم في إخفاء صدقة السر وتفضيلها على صدقة الجهر عدة أمور منها:
أولاً: البعد عن الرياء، فالصدقة أمام الغرباء من الناس فيها رياء، إذ قد يبعث الشيطان في نفس المتصدق طلب نظر الناس إليه أثناء تصدقه، ولو كان لا يعرف هؤلاء الناس الذين حوله، فالنفس تحب نظر الناس إليها نظر الإعجاب والثناء.
ثانياً: مراعاة لشعور الفقير وحفظاً لماء وجهه بحيث لا يتعرض إلى ذل المسألة أمام الناس، ولا يطلع على حاله غير المعطي والمنفق والمتصدق، فإخفاء المتصدق صدقته عن جميع الناس، وجعلها بينه وبين الفقير فقط أولى وأفضل.
-وفي هذا يقول الإمام القرطبي رحمه الله: " أما المُعْطََى إياها فإن السر له أسلم من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف.
وأما حال الناس: فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم، من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء، وعلى الآخذ لها بالاستغناء "
ثالثاً: كما أن الهدف من الصدقة تزكية نفس المتصدق وعليه يكون الإسرار بالصدقة مطلقا فيه تربية للنفس على الإخلاص لله تعالى، واعتياد طلب مرضات الله دائما دون مرضاة الناس.
- والإنفاق في سبيل الله تعالى على أنواع:
النوع الأول: الزكاة المفروضة وصدقة الفطر على المال والذهب والفضة أو العقار أو زكاة الأنعام والزروع والثمار وهي واجبة إذا حضرت شروطها.
النوع الثاني: منها ما هو سنة ومندوب فعله كصدقة التطوع والتبرع وهذه ليست واجبة على كل مسلم بل الإنسان مخير فيها ولكن إن فعلها كان خيرا له وأفضل.