نعم إذا خلصت النبية لله تعالى ، فتخصيص جزء من الراتب شهرياً للإنفاق على الوالدين يعتبر صدقة ولك فيه أجران إن شاء الله تعالى .
- والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : أمرَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بالصَّدقةِ ، فقالَ رجلٌ : يا رسولَ اللَّهِ ، عِندي دينارٌ ، فقالَ : تصدَّق بِهِ على نفسِكَ ، قالَ : عِندي آخرُ ، قالَ : تصدَّق بِهِ على ولدِكَ ، قالَ : عندي آخرُ ، قالَ : تصدَّق بِهِ على زوجتِكَ أو قالَ : زوجِكَ ، قالَ : عندي آخرُ ، قالَ : تصدَّق بِهِ على خادمِكَ ، قالَ : عندي آخرُ ، قالَ : أنتَ أبصَرُ ) أي أنت أعرف بمن يستحق الصدقة بعد ذلك - صححه الألباني .
- فمن خلال هذا الحديث الشريف نستنتج أنه يجوز الصدقة على الوالدين ، وهي من باب البر بهما ، فالصدقة على الوالدين أفضل من الصدقة على غيرهم من الأخوة والأخوات والأقارب بشكل خاص أو عام .
- والصدقة على القريب أفضل من الصدقة على غير القريب ، لأن الصدقة على القريب عليها أجران : ( أجر الصدقة ، وأجر البر و القرابة ) .
- لذلك عندما نزل قوله تعالى : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قام أبو طلحةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ اللهَ يقولُ في كتابِه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، وإنَّ أحبَّ مالي إليَّ بَيْرَحاءُ فإنَّها صدقةٌ للهِ أرجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللهِ فضَعْها حيثُ شِئْتَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( بَخٍ ذاك مالٌ رابحٌ بَخٍ ذاك مالٌ رابحٌ وقد سمِعْتُ ما قُلْتَ فيها وإنِّي أرى أنْ تجعَلَها في الأقربينَ ) فقال أبو طلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ فقسَمها أبو طلحةَ في أقاربِه وبني عمِّه ) متفق عليه .
- وعليه : فعند الصدقة يجب على المتصدق أن يبدأ بالقرابة أدناك أدناك - فيبدأ بالوالدين ، ثم الرحم - فيبدأ بالأخوة والأخوات وابنائهم ، ثم بالأعمام والأخوال وهكذا ، فالصدقة على الوالدين والأقرباء جائزة - وعلى الوالدين أفضل .
- أما الزكاة فلا تجوز على الوالدين - لأن ابنهما مأمور شرعاً في الإنفاق عليهما في - خاصة في حالة فقرهما وعوزهما - وهم ليسوا من الأصناف الثمانية التي تستحق الزكاة المشار إليها في قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) [التوبة:60] .
- والخلاصة : فلا مانع من تخصيص جزء من الراتب في كل شهر للنفقة على الوالدين بل هو واجب على الولد - خاصة غذا كان غني أو عنده زيادة على مصروفه وكان والديه فقراء أو دخلهم لا يكفيهم - وحتى لوكانوا الوالدين أغنياء فلا بأس في تقديم الهدايا لهم وتعويضهم عما أنفقوه على إبنهم وهو صغير .