هل تؤيد ما كان يفعله إدوارد مانيه في سلوكه اتجاه الطبقات الأرستقراطية والحاكمة؟

1 إجابات
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
مدربة فنون تشكيلية في مؤسسة بصمة فن الثقافية (٢٠١٩-حالياً)
.
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
 "أعتقد أن ثمة أشياء تبهرني وتحيرني تمامًا؛ مثل مانيه. كل شيء لديه كان يمزقني القبح مثلًا، شراسة القبح لديه، إذ لم يكن مانيه يولي أي أهمية للقواعد الإستيطيقية المغروسة عميقًا في إدراكنا ومحسوسيتنا حيث لم نفهم إلى حد الآن لماذا كان يفعل ذلك؟ ثمة قبح عميق، لايزال إلى اليوم يواصل العويل والصرير."
ميشيل فوكو الفيلسوف الفرنسي في نص له بعنوان "بم يحلم الفلاسفة؟" متحدثاً عن إدوارد مانيه.
من عادة إدوارد مانيه إثارة الجدل في لوحاته و جعل جميع الأوساط تتحدث عنها بين مؤيد و معارض لذلك كان عندما يعرض لوحاته للمجتمع و الطبقات الأرستقراطية و الحاكمة يواجه مشاكل عديدة، بدأ كلّ شيء في اللحظة التي رُفضت بها لوحته “غداء على العشب” ولم تشارك في صالون باريس الفنيّ الشهير 1863م. ثمّ وبأمر إمبراطوري أصدره نابليون الثالث عُرضت مع لوحات المنبوذين الأخرى في معرض( Salon des Refuse) .
لقد حرّك مانيه الأجواء وأثار ضجة لم تهدأ لثلاثين عاماً. لم تكن العارضة العارية في الصورة السبب، فقد امتلأت اللوحات الكلاسيكية القديمة بصور العراة. لكنّها الطريقة التي ظهرت بها المرأة ونظرتها الجريئة التي تقابل بها المشاهد، جلوسها على العشب بجانب كومة ملابسها، والرجلان اللذان احتفظا بكامل أناقتهما وشاركاها الجلوس، كان ذلك كثيراً جداً وصادماً، لم تكن لوحته “غداء على العشب” خاتمة الدهشة والنفور ولن تكون الأخيرة، وأيضا لوحة “أوليمبيا” التي عرضها. 
جذور هذا الامتعاض مرتبطة بواقعية الأعمال التي صورها، الشخصيات هنا والعارضات اللاتي شاركن في العمل يحملن أسماء ويمشين في الشارع بين الناس. والفنّ الكلاسيكي وإن أظهر النساء والرجال عراة، فإنّ محتوى العمل وموضوعه مقتبس عن الأساطير اليونانية والرومانية، والحكايات التي اقتبسها الفنانون من الكتب المقدسة وتصورهم عنها، لكن مانيه في نفس الوقت لم يكن يصور الحياة الواقعية فقط، بل كان يعيد تصوير الكلاسيكيات بنظرته الجديدة. والدليل على ذلك ما يجده المشاهد من ربط بين وضعيات الصور وتشابهها الكبير مع لوحات كلاسيكية قديمة. 
لم يكتفي مانيه الى هذا الحد بل كان يتحدى السلطات الأرستقراطية عبر لوحاته بشكل مباشر، حيث انه رسم لوحة إعدام ماكسيميليان التي تتناول إعدام الجنرال النمساوي ماكسيميليان الذي نصبه نابليون الثالث على المكسيك، وذلك على يد الجيش الجمهوري الموالي للحاكم المكسيكي السابق، حيث وقع إعدامه بصحبه اثنين من جنرالاته.
بدأ مانيه العمل على اللوحة، بعد شهر من حادث الإعدام، في صيغة أولية لرسم هذا الحدث الجلل، والطريقة التي أعدم بها الأمير الشاب، بعد أن تخلى عنه نابليون ولم يوفر له الحماية والدعم اللازمين.

برأيي لا استطيع تأييد مانيه في بعض منحنياته السلوكية، لكننا لا يمكننا ان ننكر ان مانيه تحت اسم الفن رسم صمتًا عميقًا ونهائيًا، صمت المؤسسة اللاهوتية والسياسية التي تنتج الدلالة، فالمشاهد لا يتأثر بالعنف ويغدو متطفلًا على الحدث التاريخي، وكأن لا شأن له به. بل يستطيع رؤيته بكل تفاصيله وتحديد موقفه منه، لذلك استطاع ان يستحق لقب الأبّ الروحي للمدرسة الانطباعية والحركة الفنية التي انطلقت تحت مظلتها وامتدت لأشكال أخرى من الإبداع الإنساني، و أيضاً يُنظر إليه بأنّه مؤسس الفنّ الحديث. 



  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 7 شخص بتأييد الإجابة