هل الحلم صفة الأنبياء والصالحين فعلاً

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٣ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 نعم صحيح إن صفة الحلم هي من صفات الأنبياء والصالحين،فهي من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب.
والحلم عكس الغضب.

-فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  وهو أشرف الخلق والمرسلين أكثر الناس حلماً وصبراً  وتحملا على أذى الناس وخصوصا أذى قريش،

-ولقد اقتدى به الصحابة والمسلمون الأوائل والصالحين من هذه الأمة،
والحلم من أفضل الصفات التي يتصف بها الإنسان ويكون بمعاملة ومعاشرة الناس  بالصبر واللين والحلم يدعوا إلى التحلي بأخلاق الصالحين

وهي من أعظم  وأسمى الصفات الإنسانية وأنبلها التي دعا إليها الإسلام وحبب  فيها وعظم من أمرها وحث المسلمين  على التحلي بها،  ،لما فيها من تحقيق السلامة وضبط النفس وراحة الجسد وحسن عاقبة المسلم في دنياه وفي آخرته.

-وتعتبر صفة الحلم من الصفات الإنسانية السامية، كيف لا تكون كذلك وهي صفة الأنبياء والصالحين،
والحلم هو اللين والصبر على الناس ومعاشرتهم ومخالطتهم بإحسان  وبرفق وأن يتحلى بأخلاق  المؤمنين،
-وقد جاءت الشريعة الإسلامية تدعوا إلى الفضائل والأخلاق الحسنة الفاضلة والسجايا الحميدة والصفات النبيلة اقتداءً في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

-وفي الحلم
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون،)

فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حليما  عفوا، رقيقا رحيما، مبشرا ميسرا، قد ملك القلوب وانقادت له النفوس، ولهج بذكره والثناء عليه العدو والصديق، والقريب والبعيد
كيف لا ونحن نعلم عن موقفه  العظيم الذي لا ولن  ينساه التاريخ  أبدا في عفوه عن قومه الذين آذوه  وسبوه وحاربوه وأخرجوه وقاتلوه،
فيا لحلمه وعفوه عندما  أظهره الله عليهم وأظفره بهم قال لهم في عزة وحلم ورحمة ("اذهبوا فأنتم الطلقاء"،)

ولنا في قول لقمان الحكيم عبرة عندما قال (
«ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاث، لا يعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند الحرب، ولا الأخ إلا عند الحاجة إليه)
فينبغي على كل مسلم أن يتحلى بالحلم وأن يتجنب الغضب مهما حدث وأن يتذكر دائما بأن حسن الخلق هو أثقل شيء في الميزان.

- ومن أهم القصص في حلم النبي صلى الله عليه وسلم ما حصل بينه وبين زيد بن السعنه

قال زيد بن سعنة :
ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما منه : يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، فكنت ألطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه من جهله .

-قال زيد بن سعنة : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله ، إن بصرى قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق ، وأصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث ، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت ، فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا ، فقال : يا رسول الله ، [ ص: 204 ] ما بقي منه شيء ، قال زيد بن سعنة : فدنوت إليه ، فقلت : يا محمد ، هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا ، فقال : " لا يا يهودي ، ولكني أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ، ولا يسمي حائط بني فلان " قلت : نعم ، فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا ، فأعطاها الرجل ، فقال : " أعجل عليهم وأعنهم بها " ، قال زيد بن سعنة : فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ، ونظرت إليه بوجه غليظ ، فقلت له : ألا تقضيني يا محمد حقي ، فوالله ما علمتكم يا بني عبد المطلب لمطل ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم ، ونظرت إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ، ثم رماني ببصره ، وقال : يا عدو الله تقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أسمع ، وتصنع به ما أرى ، فوالذي بعثه بالحق ، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي رأسك . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم ، ثم قال : " يا عمر ، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا ، أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن التباعة ، اذهب به يا عمر فأعطه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته " .

-قال زيد : فذهب بي عمر - رضي الله عنه - فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر ، فقلت : ما هذه الزيادة يا عمر ؟ فقال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أزيدك مكان ما رعتك ، قلت : وتعرفني يا عمر ؟ قال : لا ، من أنت ؟ قلت : أنا زيد بن سعنة ، قال : الحبر ؟ قلت : الحبر ، قال : فما دعاك أن فعلت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فعلت وقلت له ما قلت ؟ قلت : يا عمر ، لم يكن من علامات النبوة شيء [ ص: 205 ] إلا قد عرفت في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما منه : يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، فقد اختبرتهما ، فأخبرك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقال عمر : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم ، قلت : وعلى بعضهم ، فرجع عمر وزيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة ، ثم توفي زيد - رضي الله عنه - في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر ، رضي الله عنه .