هل الحديث المتواتر دائماً يعتبر صحيحاً؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١٢ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الحديث المتواتر الذي ثبت تواتره هو صحيح قطعاً ، فلا ينظر بعد ثبوت تواتر الحديث إلى سنده أو يبحث عن صحته ، فالصحة والتواتر مرتبطان متقارنان ، ولكن لا بد من اجتماع شروط التواتر في الحديث حتى يحكم له بذلك.

والسبب في الحكم بحة الحديث المتواتر يرجع إلى أمر عقلي قلبي ، لا يختص بحديث رسول الله فقط ، وإنما إلى كل خبر متواتر ، ذلك أن التواتر باختصار وبلغة مبسطة : يعني توارد المخبرين على الإخبار بخبر معين مستندهم فيه الحس مع أمن تواطئ هؤلاء المخبرين على الكذب ،وأي خبر كان هذا حاله فالعقل يقطع بصحته .

فلو جاءك إنسان وأخبرك أنه رأى حادثا على طريق معين وكنت تعلم من حال هذا الإنسان الصدق فغنك تصدقه في بادئ الأمر ، ولكنك تجوز ان يكون حصل عنده خطأ في التقدير أو وقع منه عارض ، فإذا جاءك إنسان آخر وأخبرك نفس الخبر ازداد تصديقك للخبر ، ثم لو جاء ثالث ورابع وخامس وسادس وسابع وثامن وعاشر وأخبروك كلهم نفس الخبر ،ولم يكن جرى بينهم اتفاق معين على الإخبار بهذا الخبر ،بل كل واحد جاء وحده واخبر بما رأى ، فإنكلايبقى عندك شك بصدق هذا الخبر ، لإن اجتماع العدد الكبير على الإخبار بخبر معين دون وجود اتفاق منهم على افخبار بمثل هذا الخبر ، ورث النفس يقيناً أن هذا الخبر حق وإلا لم لما حصل مثل هذا العدد من الأخبار .

ولو خرج مصلون من مسجد ما وأخبروك ان الخطيب اليوم قد أغشي عليه في خطبة الجمعة ، وكل مصل رأيته أخبرك نفس الخبر ، فإن ذلك يورثك يقيناً بحصول هذا الأمر .

ونفس الأمر يطبق على الحديث النبوي : فلما يتفق عدة رواة في كل طبقة من طبقات الند في الحديث على رواة حديث معين ،ويكر هؤلاء الرواة ، فإن ذلك يورث يقيناً عند النفس أن النبي عليه السلام اخبر بهذا الحديث .

فلما يروي أكثر من خمسين صحابياً أن النبي عليه السلام مسح على خفيه في الوضوء ،ويروي عن كل صحابي راو او أكثر ، وعن كل راو رواة وهكذا حتى وصل الحديث إلى التدوين ، فإن هذا يورث اليقين بمسح النبي على خفيه .

وهذا اليقين كما ذكرنا مرجعه السنة الكونية التي أودعها الله في هذا الكون من استحالة تواطئ هذا العدد الجم على الإخبار بهذا الخبر مع عدم وجود توطائ منهم على ذلك ويكون مستندهم مشهدتهم أو سمعهم لا تلقينهم من واحد ، ثم يكون الأمر على خلاف هذا الخبر.

لذلك عرف العلماء الحديث المتواتر :بأنه الحديث الذي رواه العدد الجم الذين يؤمن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من أول السند إلى منتهاه وكان مستندهم الحس أو المشاهدة.

فمتى كان العدد قليلاً ، أو لم يؤمن اتفاق هذا الجمع على الكذب ، أو فقد عدد التواتر في أي طبقة من طبقات السند ، أو كان مستند الجميع الظن والاجتهاد ، فإنه لا يحكم بتواتر الحديث .

ثم هناك تواتر لفظي : وهو ما اتفق الرواة على لفظه ، ومله حديث مسح النبي على خفيه .

وهناك تواتر معنوي:وهو ما اتفق الرواة على معناه وإن كانوا رووه بألفاظ مختلفة ولكنها تفيد نفس المعنى ، مثل أحاديث رؤية الله تعالى يوم القيامة .

واعلم أخيراً أن فائدة هذا المسألة قليلة ولا ينبني عليها كبير عمل على الصحيح عند أهل السنة والجماعة ، لأن معتقدهم ان الحديث متى حكم بصحته فإنه يعمل به ويؤخذ به سواء في العقيدة او الفقه ،خلافاً لبعض الفرق التي تأخذ بأحاديث الآحاد في باب العقيدة .

والله أعلم 

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة