إذا كان معنى السؤال هل أكل وشرب واتنفاع أهل السارق من المال المسروق الذي يجلبه السارق لبيته مع علمهم أن هذا المال مسروق جائز أم حرام ؟
فالجواب : أنه لا يجوز لهم الانتفاع بعين المال المسروق أو ثمنه، يعني لو سرق طعاماً أو شراباً من محل معين فلا يجوز لهم أكل وشرب هذا الطعام والشراب ، أو سرق مالاً فاشترى بهذا المال طعاماً وهم يعلمون أن هذا الطعام إنما اشتراه بالمال الذي سرقه فكل هذا لا يجوز لهم الانتفاع به .
والسبب أن هذا المسروق ليس ملكاً لهم ولا للسارق بل هو ملك لغيرهم ولا يحل لهم الانتفاع به إلا بطيب نفس من صاحبه ، والواجب عليهم إعادة هذا المال لصاحبه لا أكله وشربه ، ومن انتفع به فقد أكل حراماً وغذى جسده على الحرام ، وقد جاء في الحديث " لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت النار أولى به " .
قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ " ( النساء ، 29 ).
وقال عليه الصلاة والسلام " لا يحل لمسلم أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه " (رواه ابن حبان ).
ولا يعفي أهل السارق من المسؤولية أنهم لم يباشروا السرقة ، لأنهم ما دام علموا أن هذا المال مسروق فليس لهم الانتفاع به ،وانتفاعهم به هو تعدٍ وظلم وحرام وإثم وإقرار للعاصي على معصيته.
ومثله كما قلنا لو سرق مالا ثم اشترى به طعاماً ، فهم يعلمون أن هذا الطعام إنما اشتراه بمال لا يملكه وبالتالي فهو حرام عليه وعلى من علم أنه محرم .
أما إن كان هذا السارق له مال آخر من مصدر حلال واختلط ماله الحلال بماله المحرم ، فهذا ما يسمى بالمال المختلط ، ففي هذه الحال إن علم أهل السارق عين المال المسروق أو علموا عن شيء معين اشتراه بمال مسروق فلا يجوز لهم الانتفاع به كما مضى الكلام عليه ،أما إذا لم يعلموا أي المال هو المسروق فهنا يباح لأهله الانتفاع بما لم يعلموا حرمته ما دام اختلط الحلال بالحرام ، ولكن ليكون انتفاعهم بقدر الحاجة ما دام ليس لهم مصدر آخر يكفون بهم حاجتهم ،أما إذا وجد مصدر آخر يكفون به حاجتهم فلا ينبغي لهم الانتفاع بمال السارق ولو كان مختلطاً حلاله بحرامه احتياطاً وإنكاراً عليه .
والله أعلم