لإغلاق العينين قوة جبارة في تطوير القدرات العقلية والتحفيز على الاسترخاء والاستماع للذات ولفيض الأفكار التي تجري في داخلنا، وبالتالي نستطيع التحكم في أنفسنا أكثر.
فإغلاق العينان يفصلك عن العالم الخارجي ويقلل مظاهر التشتت لديك، كأنك تضع نفسك في صندوق مغلق فتركز فيه بما تريد؛ لأن حاستا البصر والسمع هما أكثر الحواس إدخالاً للمشتتات، فعندما تكون منهمكاً في الدراسة مثلاً قد تنقطع لأنك سمعت صوت أخاك الصغير يبكي فتتششت عن دراستك، وكذلك عندما ترى أمراً يشتتك كأن تخرج والدتك لنشر الغسيل في الشرفة القريبة منك.
فعندما تريد الاسترخاء مثلاً والاستمتاع بتنفس سليم والتحكم بأفكارك ومشاعرك... ما عليك إلا أن تتواجد في مكان هادئ وتغمض عينيك وتستنشق الهواء من أنفك وكأنك تشم وردة بتركيز كبير، ومن ثم تحبس الهواء قليلاً قبل أن تطلقه من فمك... فعندما تفعل هذا التمرين وعيناك مغلقتان، يمكنك أن تدخل لعقلك الأفكار التي تريد مع الشهيق، وتخرج منه الأفكار السلبية وكذلك الذكريات السيئة التي تريد التخلص منها مع الزفير وكأنك تطردها من داخلك... جرب أن تغمض عينيك الآن وتفعل هذا حتى تخزن في اللاوعي لديك ما تريد. كما أنه يمكنك أن تغمض عينيك لتتخيل ما تريد، وتستمع لفيض الأفكار التي تدور في رأسك، لتحدد أي أفكار تود الاحتفاظ بها وأيها تود التخلص منها.
فأنت من تتحكم بحياتك من خلال تحكمك بأفكارك وبالحوار الداخلي (المونولوغ) الذي يدور بينك وبين نفسك. فتكلم مع نفسك بلطف ولين وشجعها لتكون ما تريد.
وعندما تغمض عينيك لتتذكر أمراً ما فإنك سوف تسترجعه وتتذكره بشكل أسرع لأن تركيزك سوف يزداد، كما ستتذكره بكافة تفاصيله لأن إغلاق العينان يحفز قوة خلايا المخ المسؤولة عن التذكر.
تعودت دائماً أن أنظر إلى لغة جسد الأطفال والأشخاص البسيطين من ناحية القدرات العقلية لأعرف ما يجب علينا فعله للقيام بوظائف معينة بشكل أفضل، فلاحظ أنك عندما تسأل طفل عن مكان لعبته مثلاً فإنه غالباً يغمض عينيه ليتذكر مكانها، وهو يفعل هذا كرد فعل طبيعي فطري يساعده على التذكر.
أتذكر أنني تكلمت وكتبت الكثير من المقالات عن قوة الصمت والهدوء في مدنا بالاسترخاء، وجعلنا نستمع لما يدور في رأسنا من مشاعر وأفكار وكلام، وإبعادنا عن المشتتات التي قد تعيقنا، والآن أقول لك أن إغماض العينين له نفس هذا التأثير ويزيد هذا التأثير أيضاً عندما نجمع بين قوة الصمت وقوة إغماض العينين فنستفيد أكثر وأكثر...
فعندما نتمكن من الاستماع لأنفسنا والوعي بها على صعيد المشاعر والأفكار سيزيد الوعي بالذات لدينا، وسنكون أقدر على التطور وتحسين ما نريد وبالتالي ستزداد فرصة تطويرنا لشخصياتنا، وسيزداد ذكاؤنا العاطفي، ما يحسن علاقتنا مع أنفسنا ومع من حولنا، وتطورنا المهني وفي جميع الأصعدة.
فادخل لغرفتك أو اخرج للحديقة الهادئة التي ليس فيها سوى أصوات الطبيعة وأغمض عينيك وابدأ رحلتك الآن.