سأجيبك على سؤالك هذا بناء على تخصصي وتجاربي في الحياة، ولن أبني إجابتي على أية معلومات فلسفية ولا دينية ووجودية عميقة... فبالتأكيد أن كل واحد منا قد مر في مرحلة وسأل فيها نفسه إن كان موجوداً فعلاً أم لا، وإن كانت كل هذه الحياة التي نعيشها حقيقية أم أنها "كذبة" كما وصفتها إحدى الأغنيات "قولك هالدنيا كذبة"... ففي كثير من الأحيان أتذكر كلمات أو على الأقل مطلع هذه الأغنية -ربما لأنني كنت أعمل في الإذاعات، وكانت هذه الأغنية تمر في يومي كثيراً وخاصة في سنة صدورها- وأتمنى أن يكون ذلك صحيحاً وخاصة عندما كنت أمر بظروف صعبة، كنت أتمنى أن أنام وأصحو وأجد أنني لست أنا وأن هذا الكون ليس كما يبدو لي الآن وأنني أعيش حياة أخرى أو أن لا أكون أصلاً.
كما أنني أهرب من التفكير بمشاكل وهموم الحياة من خلال تخيلي بأن هذه الحياة هي عبارة عن مسرح كبير جداً، وكل الناس الذين فيها - بما فيهم أنا طبعاً- ممثلين على خشبة هذا المسرح، ويجب أن يتقن كل منا دوره الذي خلقه الله من أجله لتكتمل هذه المسرحية بشخوصها وحبكتها ومكانها وزمانها وقصتها، وأننا يجب ألا نحزن وأن نرضى بما قسم الله لنا وبالدور الذي علينا تأديته، وعندما تنتهي هذه المسرحية سنشاهدها جميعاً ونراجعها ونكون كلنا متساوين ومرتاحين في النهاية.
أنا إنسانة مؤمنة في داخلي وأعلم بوجود الله تعالى، وبما أنني مؤمنة بوجوده فأنا إذاً أصدق كل ما جاء في الكتب السماوية التي تؤكد جميعها وجوده تعالى وخلقه لنا ولهذا الكون، وتطلعنا على المعجزات وعلى قصص جرت في قديم الزمان وعلى أسرار الخلق التي هي الحل للكثير من مشكلاتنا ولكننا نغفل عنها. ففي آية من سورة البقرة مثلاً قال تعالى "إن الله لا يستحيي أنت يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها..." وقد أثبت العلم الحديث أن هناك وجود لبعض الكائنات الحية الصغيرة جداً التي لا تُرى بالعين المجردة تعيش فوق البعوضة وتتطفَّل على البعوضة في غذائها، ولم تكن هذه الكائنات معروفة من قبل أبدًا، وإنَّما اكتشافها كان مؤخرًا مع تطور العلم الحديث. كما أن الكثير من العلوم والطب وغيرها تعود الآن لكلام الله تعالى من الكتب السماوية لتكشف الكثير من الأسرار التي لا نعلمها.
بالنسبة لي... فأنا مؤمنة بوجودي في هذه الحياة لأن هناك رسالة قد خصصها الله لي، وهي لا تكتمل إلا بوجودي الفعلي حية أرزق في هذا الكون، وأنت كذلك عزيزي السائل... استشعر وجودك وتأكد أنك تترك أثراً جميلاً أينما ذهبت ليشعر الجميع بوجودك حتى في غيابك؛ فاعطِ بكرم، وابتسم من قلبك، وكن مؤثراً، وحاول ألا تشغل نفسك بأمور وجودية هي من المسلمات حتى لا تفقد عقلك من كثرة التفكير.