من هو العائن في الإسلام وما هي عقوبته

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٤ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
العائن: هو الذي يصيب غيره بالعين، يعني يرى شيئاً فيعجبه ويتمنى تحوله إليه وزواله عن غيره فيكون ذلك سبباً - بقدر الله وإذنه - في حدوث ضرر بالمعيون أو زوال هذه النعمة.

والعين نوع من الحسد، ولكن الحسد أعم، لأن العين يختص بما يراه العائن الحاسد أو يوصف له فيتخيله فيحسده، أما الحسد فقد يكون بمجرد سماعك عن النعمة ومعرفتك بها أو قد يكون حسداً لنعمة لا ترى أصلاً، لذلك قال العلماء: كل عين حسد وليس كل حسد عين.

والعين أو الحسد تكون كما قلنا بتمني زوال هذه النعمة التي رآها العائن أو سمع بها الحاسد عن صاحبها وتحوله له، فيحصل بسبب هذه التمني أثر من النفس قد يكون سبباً في حصول ضرر.

وقد أمر الله بالاستعاذة من شر الحاسد إذا حسد كما في سورة الفلق وهذا يشمل الحاسد والعائن.

وفي الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (العينُ حقٌّ، ولو كان شيءٌ سابَقَ القَدرَ، سَبَقَتْه العينُ، وإذا استُغسِلتُم، فاغسِلوا) (رواه مسلم)

وقد تكلم ابن القيم رحمه الله عن العين وكيفية إحداثها الضرر فقال: "وأصله من إعجاب العائن بالشيء ثم تَتْبعه كيفيةُ نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المَعِين.."

وقال رحمه الله "وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن، نحو المحسود والمَعِين، تصيبه تارة، وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه، أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام، لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء، فهذا من النفوس والأرواح، وذلك من الأجسام والأشباح".

أما عقوبة العائن الذي يحسد غيره فيلحق به الضرر فقد اختلف فيه العلماء:

- فبضعهم قال من حسد أو أصابه غيره بالعين فأتلف ماله أو نفسه ضمن وعليه الدية والكفارة، فهو كالقتل الخطأ عندهم وهذا مذهب المالكية والحنابلة

بل قال بعضهم لو تقصد قتل غيره بالعين وكان يعلم من نفسه ذلك فعليه القصاص.

- وقال بعض العلماء لا دية ولا كفارة ولا ضمان لأن هذا مما لا ينضبط ولا يمكن معرفة ذلك إلا من جهته، وهو لا يعلم هل كان الضرر نتيجة عينه أم لا، وهذا مذهب الشافعية.

وهذا أقرب وأضبط ولكن يمكن للقاضي الشرعي أن يعاقب من غلب على الظن أنه حسد غيره بالتعزير أو الحبس 

وذكر ابن القيم عمن عرف بالحسد وإصابة غيره بالعين "إن من عُرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعا ".

وتفادي هذه العين والعلاج منها له جهتان:
- من جهة العائن: عليه إذا رأى ما يعجبه أن يقول "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" أو يبرك له كما قال النبي عليه السلام (ما يمنع أحكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليُبَرِّك عليه، فإن العين حق).

-من جهة المعيون: أن يحصن نفسه بالأدعية والأذكار الصباحية والمسائية فلا يضره شيء بإذن الله.

ولو وقع الحسد فإن له علاجاً بالرقية الشرعية، أو إذا عرف الحاسد فعلاجه أن يتوضأ العائن الحاسد ثم يصب من أثر وضوئه على المحسود.
 
والله أعلم