هنالك الكثير من المخاطر التي نتعرض لها نحن الأطباء في مجال عملنا، وهذه المخاطر لا تشمل فقط أننا نتعرض للكثير من الأمراض المعدية مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات، ولكن تتعدى ذلك إلى اعتداءات أو مخاطر في المجال النفسي والجسدي، وقد تصل في بعض الأحيان حتى إلى الاعتداء المادي.
نبدأ أولا في المجال النفسي، من أهم المخاطر التي تواجه الطبيب أثناء عمله هي ضغوطات العمل، وهذا موجود بشكل خاص في المستشفيات العربية وخصوصاً الحكومية منها، فقد تجيد طبيب مقيم واحد مسؤول عن قسم فيه أكثر من 50 مريض، وهذا غير منطقي بالمرة، تخيل أن على هذا المقيم زيارة كل مريض مرتين على الأقل في اليوم، ومن ثم عليه زيارة كل مريض حسب الحاجة في سريره، تخيل المعاناة النفسية التي يواجهها الطبيب في يوم واحد من عمله، وهذا فقط لأن الدولة تريد أن تقلص من الرواتب التي تدفعها، وأيضاً، الأمر أسوأ مما تتصور، فبعض الأطباء المقيمين منضمين إلى برامج تسمى بالغير مدفوعة!!!
تخيل أن تشتغل لمدة أكثر من 80 ساعة في الأسبوع، وبدون إجازات حقيقية طوال السنة، وبالأخير لا تأخذ قرشاً واحداً، وبالعكس، قد تدفع مبالغ باهظة من أجل طرق النقل! ما هذا الظلم!! هذا الظلم فقط موجود في الدول العربية، فإذا تساءلت لماذا العلاج الطبي رخيص في الدول العربية، وذلك لأن معظم الأطباء لا يأخذون رواتب!! وأنا لا أتكلم عن جميع الدول العربية، ولكن هذا موجود في الدول العربية الظالمة التي لا تحمي حقوق الأطباء، وذلك بسبب وجود نقابات فاشلة فقط يذهب مسؤولوها نحو المناصب.
ومع كل هذا، بالتأكيد ستجد أن نسبة الأخطاء الطبية في الدول العربية كبير جداً، لأنهم مظلومون في كل ساعة في دوامهم في المستفيات، ولأن نفسياتهم مدمرة، ومع كل ذلك، تخيل أن بعض المرضى قد يعتدوا جسدياً على الأطباء، الطبيب لن يرفض مريض بالعادة ولن يقوم بالتقصير، ولكن بسبب الضغوطات الهائلة الموجودة على عاتق الطبيب، سوف تحدث الأخطاء، ولكن لا تلم الطبيب وتقوم بالاعتداء عليه، قم بلوم وزارة الصحة أو المستشفى على تسليم الأطباء حمل فوق طاقاتهم، فالطب مهنة إنسانية ولن يرفض أي طبيب أو يقصر في عملهم بدون سبب بالعادة.
في جميع بلاد العالم، يتم احترام الطبيب ويتم إعطائه تمييزات مختلفة ورواتب مرتفعة حتى يكون همه الأول تقديم الخدمة الأفضل بالمرضى وأن لا ينشغل بأمور الحياة الأخرى مثل كيفية دفع الفواتير أو اجار البيت وغيرها من الأمور أثناء عمله، وذلك لأن أي يخطأ صغير قد يسبب مشاكل دائمة في حياة الأفراد، ولذلك يتم تأمين حياتهم، ولكن في البلاد العربية، تجد بأن الطبيب غير مغطى حتى بتأمين صحي جيد، ولذلك من الطبيعي أن يهرب الطبيب من المستشفى أو يرفض التعامل مع مريض لديه أو مشتبه لديه عدوى خطيرة، تخيل أن تعيش 4 أو 5 سنين بهذه الضغوطات وبدون أن يكون لديك أبسط حق وهو أن تأخذ راتباً أو حتى تأمين صحي.
المشاكل الموجودة لدينا للأسف كبيرة، ولذلك تجد أن معظم الأطباء يذهبون إلى دول تحترم الطبيب، أو على الأقل دول مثل دول الخليج التي تعطي امتيازات جيدة للأطباء، ولكن للأسف، هذا التقصير من قبل وزارة الصحة والنقابة هو ما ينعكس على صحة المواطنين، فيجب على المواطنين الدفاع عن حق الأطباء قبل إلقاء اللوم على أي طبيب في ظروف الحياة المأساوية التي يعيشها الأطباء كل يوم، ولذلك أنا كطبيب، لا أنصح أحد بدخول مهنة الطب، أو على الأقل، أن يخرج إلى بلد يحترمه في فترة الاختصاص، وذلك حتى لا يقع في مأساة النظام الصحي الموجودة في بعض الدول العربية.
للمزيد من المعلومات عن:
يرجى الضغط على السؤال المراد معرفة المزيد عنه.
المصادر المرجعية:
"خبرتي في المستشفيات مع خبرات زملائي"