أول من استخدم مصطلح أهل السنة والجماعة :
أول من روي عنه استخدام هذا المصطلح هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كما روي عنه في تفسير قوله تعالى ( يوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) (آل عمران، 106)
قال ابن عباس : "فأما الذين ابيضت وجوههم: فأهل السنة والجماعة وأولوا العلم، وأما الذين اسودت وجوههم: فأهل البدع والضلالة" .
وقد روى هذا الأثر عنه كثير من العلماء منهم اللالكائي في شرح أصول أهل السنة ، والطبري في تفسيره ، وابن كثير في تفسيرهم\ وغيرهم .
ثم روي عن التابعين والسلف من الطبقة الأولى والثانية استخدام مثل هذا المصطلح ، حيث روي استخدامه عن : أيوب السختياني والفضيل بن عياض وسفيان الثوري رحمهم الله، وتتابع العلماء بعد ذلك على استخدامه وألفت كتب لشرح أصول أهل السنة والجماعة وبيان اعتقادهم .
كيف نشأ هذا المصطلح :
هذا المصطلح أصله يرجع إلى الحديث الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فيه عن افتراق هذه الأمة فرقأ شتى حيث جاء في الحديث (افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فِرقةً، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فِرقة، كلُّها في النار إلا واحدة)، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: (هي ما أنا عليه وأصحابي) .
وفي رواية قال: (هي الجماعة)
وهذا الحديث رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما بروايات مختلفة وحسنه جمع من العلماء .
فقول النبي في وصف الفرقة الناجية ( ما أنا عليه اليوم ) يعني سنته عليه الصلاة والسلام ، وسنته هنا لا تعني المستحبات والنوافل وإنما يقصد بها طريقته وهديه في الاعتقاد والعمل ، ومن هنا جاء مصطلح ( أهل السنة ).
وقول النبي عليه السلام ( وأصحابي ) يعني جماعة المسلمين في عهده عليه السلام كما فسرته الرواية الثانية ( هي الجماعة ) ، والجماعة هنا لا يقصد بها عامة الناس وإنما يقصد بها الجماعة العاملة بالحق السالكة سبيله ، فمن تمسك بهدي هذه الجماعة وكان معها والتزم السنة التي تسير عليها وهي سنة النبي عليه السلام نجا بإذن الله .
فأصل هذا المصطلح هو هذا الحديث ، أما ظهوره كمفهوم مستقل ودلالته على فرقة معنية واشتهاره ، فقد اشتهر بعد ظهور أهل البدع والفرق التي خالفت هدي النبي في الاعتقاد خاصة ، وذلك في أواخر عهد الصحابة ، في القرن الهجري الأول ، حيث ظهر الخوارج والشيعة والقدرية ، ثم في أول عهد التابعين ظهر الإرجاء ، فكان مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق على ما يقابل هذه الفرق جميعها ، وهم الذين تمسكوا بهدي النبي عليه السلام وهدي صحابته .
ثم تعزز هذا المفهوم ورسخ أكثر وشاع إطلاقه في القرن الهجري الثاني لما تميزت الفرق وبدأ التدوين في علوم المسلمين .
وليس صحيحاً ما يقوله البعض أن هذا المصطلح إنما أطلق أول ما أطلق على الأشاعرة الذين خالفوا المعتزلة في اعتقادهم وردوا عليهم ، فهذا المصطلح موجود من قبل وجود أبي الحسن الأشعري رحمه الله .
والله أعلم