ما هي علة تحريم زواج الإخوة من الرضاعة في الإسلام وما هو موقف بقية الأديان منه وهل في هذا الحكم إعجاز علمي

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٣١ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
أنت تقصد ما الحكمة من تحريم زواج الأخوة من الرضاعة، لأن العلة من الناحية الفقهية هي وجود الرضاع قبل الحولين خمس رضعات مشبعات -عند الشافعية والحنابلة-، فبوجود هذا الأمر يثبت التحريم.

أما الحكمة التي يمكن تلمسها من هذا التحريم فعدة حكم منها:

1. نفسية فطرية ومعنوية:
 

فالولد الذي تغذى من لبن هذه المرضعة صار كأنه ابناً لها على الحقيقة، فكما أن الأم النسبية التي حملت الولد وغذته من دمها وهو في بطنها فصار ينسب إليها وأصبح كأنه جزءاً منها، فكذلك الرضيع لما يتغذى على لبن هذه المرضع خاصة لما يتكرر الرضاع ويكون ذلك في حال صغره وهي الفترة التي يؤثر فيها الغذاء في تكوينه ويختلط بعظمه ولحمه، فإن ذلك يجعله جزءاً من هذه المرضع أيضاً، فتلك أمه في الحمل وتلك أمه في الرضاع.

وكونه جزءاً من هذه الأم المرضع يجعل بنات هذه المرضع سواء كن بناتها في الحمل أو الرضاع يشتركن معه في هذا التكوين فصاروا أجزاءً من بعضهم البعض، وهذه الأخوة والاشتراك يجعل بينهم رحماً قوية تقتضي كثرة الدخول والتعامل بين بعضهم البعض، فلو أبيح له الزواج بهن لكن أجنبيات عنه، وصار في ذلك ضيق في التعامل وضوابط أكثر، لأن انبساط الرجل في تعامله مع محارمه كأخواته ليس كانبساطه في التعامل مع الأجنبيات.

فكانت حكمة الشرع تقتضي تحريم الزواج المؤبد بينهم وجعل هذا الأخ محرماً لأخواته في الرضاعة كأخيهن في النسب، وهذا سيعطيه أريحية في التعامل والدخول والخروج عليهن.

وهذه المصلحة لم يفت مقابلها مصلحة أكبر، لأن النساء سواهن كثير فيستطيع الزواج بأي منهن.

2. صحية طبية:

وهو أن الولد لما يرتضع من هذه الأم المرضع، فإن الخلايا الجذعية في هذا الحليب تكسب الولد بعض الصفات الوراثية والمناعية المشابهة للابن الحقيقي تماماً، فيصبح هناك تقارب في بعض الصفات الوراثية بين هذا الولد الرضيع وأخواته من الرضاعة، وهذا التقارب الجيني أو التشابه في بعض الصفات يجعل احتمال ظهور الصفات الوراثية المتنحية أكبر لو حصل تزاوج بينهما، وفي هذا احتمال أكبر لظهور الأمراض في الأولاد.

وهذا مما يمكن أن يعد نوعاً من الإعجاز العلمي في تحريم مثل هذا الزواج، لأن تحريم الزواج من الأخت بالرضاعة لم يكن معروفاً قبل الإسلام، وقد أنكر بعض المعاصرين وجود حكمة منه، لكن دراسات عملية حديثة أثبتت أن لحليب الأم المرضع أثراً في تكوين بعض الصفات الوراثية عند الرضيع، وهذا يعزز الحكمة من هذا التحريم.

3. اجتماعية:
فبعض الأولاد الرضع قد تموت أسرهم لسبب أو لآخر فيكون في إرضاعهم من قبل هذه الأم إيجاد عائلة ومحضن بديل له عن أسرته المفقودة، فيصبح له أم وأب من الرضاعة وإخوة وأخوات من الرضاعة وأعمام وعمات وأخوال وخالات وهذه مصلحة ظاهرة.

أما سؤالك هل كان الزواج من الأخت من الرضاع محرم قبل الإسلام؟

فالظاهر أنه لم يحرم مثل هذا الزواج قبل الإسلام، سواء في اليهودية أو النصرانية، وأن التحريم يختص بالشريعة الإسلامية، وهو محاسن هذه الشريعة وكمالها.

والله أعلم