بفكر افتح بزنس"... خود نفس وجهز حالك..
اذا كنت تفكر باطلاق مشروع جديد فعليك أن تعلم أنك مقدم على خطوة ستغير من طبيعة حياتك للسنتين التاليتين على أقل تقدير.. ولا أقصد بالتغير هنا تغير وضعك المعيشي الى الأفضل او الى الأسوء, بل أقصد طبيعة حياتك من حيث القلق والضغط النفسي والأولويات..
من مشاهداتي للمشاريع التي شاركت في اطلاقها او اطلقتها بنفسي او كنت مستشاراً لها فان صاحب المشروع او الشركاء يقدمون على العديد من التضحيات في السنوات الأولى من عمر المشروع لما يصاحب ذلك من تذبذب للمعنويات وتغيرات تطرأ على فكرة المشروع للتكيف مع متطلبات السوق.
وعادة فان الأشهر الأولى من اطلاق المشروع (المنطقة المظللة بالأزرق في الرسم المرفق) تكون فترة جميلة ويصاحبها العديد من الذكريات الجميلة ومن الدعم المعنوي من العائلة والأصدقاء وحتى من الزبائن او المستهلكين انفسهم, الا أن "شهر العسل" كما أسميه لا يدوم طويلاً, فتبدأ نشوة البداية بالتلاشي تدريجياً ويصطدم أصحاب المشاريع بالعديد من العقبات في السنة الأولى او الاثنتين التاليتين, اذ تتعرض فكرة المشروع للاختبار من قبل المستهلكين كما تشتد المنافسة من المنافسين الموجودين او اللاحقين كما تتبين العديد من الخبايا التي لم يتم دراستها او اعتبارها من قبل صاحب المشروع والتي ترغمه على التكيف مع واقع السوق الذي غالباً ما يكون بعيداً عما كان عليه في الورق (دراسة الجدوى او دراسة السوق) ويدخل المشروع في مرحلة ضغط (المنطقة الصفراء) والتي تتطلب مرونة كافية من صاحب المشروع لاجراء تعديلات على فكرة المشروع من حيث الخدمات او الأسعار او الشرائح المستهدفة للتماشي مع الواقع الجديد.
عادة ما تستمر هذه المرحلة لسنة او اثنتين ويصاحبها تذبذب في معنويات صاحب المشروع كنتيجة لتغيراته على طبيعة المشروع كما يصاحيها تذبذب في ربحية المشروع وربما يضطر صاحب المشروع الى تحمل خسائر متراكمة حتى يتمكن من ايجاد الوصفة المناسبة للخروج من عنق الزجاجة. ويجب التنويه هنا الى أن الحصول على تمويل من البنوك ومؤسسات الاقراض يكاد يكون معدوماً في هذه المرحلة نظراً لخطورة المشروع من وجهة نظر البنوك مع أن هذه الفترة هي الأكثر حاجة من صاحب المشروع للحصول على تمويل لاطلالة عمر المشروع حتى ايجاد مخرج والوصول الى بر الأمان (يجب ان أنوه هنا الى أن شركات تمويل المشاريع الصغيرة والبنوك تسوق لفكرة انها تدعم المشاريع الناشئة الا أن هذا الدعم غير موجود على أرض الواقع خاصة للشركات التي يقل عمرها عن سنتين).
أخيراً فان الاختبار الحقيقي لصاحب المشروع يتمثل في كيفية تعاطيه مع هذه المرحلة وقدرته على التحمل والمراهنة على معنوياته ومرونته. لان نتائج قراراته في هذه المرحلة ستحدد ما اذا كان المشروع سينجو ويدخل في مرحلة الاستقرار والنمو (المنطقة الخضراء) او سيتخلى صاحب المشروع عن فكرته ويغلق شركته او مشروعه (المنطقة الحمراء). علماً بأن أغلب المشاريع تفشل او يتم اغلاقها في السنوات الثلاث ألاولى من عمر المشروع.
بناءاً على ما سبق فانك ان كنت مقدماً على انشاء مشروعك الخاص او قد قمت باطلاقه حديثاُ فعليك أن تكون مستعداً معنوياً وذهنياً لما انت مقدم عليه في السنوات الثلاث المقبلة.
في المقابل فان الجانب المشرق في المعادلة أنك ان تمكنت من النجاة من هذه السنوات الصعبة فان المستقبل سيكون جميلاً بلا شك ولا يوجد أي شعور يضاهي اعتزازك بنفسك بعد هذه التجارب التي ستختبر ثقتك في نفسك وقدراتك وستغير بلا شك ادراكك لكل ما هو حولك.