ما هي المفارقات؟ وكيف تعتقد أننا نستطيع حلها؟

1 إجابات
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٢٨ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
     إن أردت تقريب مفهوم المفارقة إليك، فلن أجد أسهل من هكذا مثال: ألم تشعر قبلًا أنك ترغب بشدة في أن تكسب الكثير من المال وتصبح غنيًا، لكن في نفس الوقت أنت لا تريد بذل ذاك القدر من المجهود. ثم مثلًا أنت تريد أن تحصل على جسم رشيق، إلا أنك ترغب بشدة في تناول المزيد من المثلجات في هذه اللحظة. نحتاج في هكذا حالات أن نختار قرارًا واحدًا لا اكثر، حيث أن عكس ذلك يوقعنا بالتناقض.

     كتلك الأمور السابقة، فإن الفلاسفة يواجهون هكذا مفارقات، إلا أنها غالبًا ما تشمل أفكارهم الفلسفية. وكذلك الأمر مع علماء الرياضيات وعلماء الطبيعة الذين يجدون الكثير من التناقضات في مسيرتهم. وعلى رغم أن المفارقات عديدة، ومجالاتها مختلفة وكثيرة، إلا أنه من الممكن تصنيفها:

     مفارقات الوجود
سأطرح لك مثالًا على شكل قصة: تقول القصة ان هناك قرية صغيرة بعيدة عن المجتمعات لا يوجد بها سوى حلاق واحد. وإن هذه القرية تحوي قانونًا ينص على أن كل شخص عليه أن يحلق رأسه، ففي حال انك حلقت رأسك لا تستطيع الذهاب للحلاق، أما إن كنت لا تحلق رأسك بنفسك فوجب عليك الذهاب للحلاق. يبدو القانون بسيط، لنه ليس كذلك للحلاق. السؤال: من يحلق للحلاق رأسه؟ إن كان يحلق لنفسه فبذلك لا يمكنه أن يذهب إلى الحلاق، لكنه هو الحلاق! وإن كان الحلاق سيذهب للحلاق، فإنه سيعود ليحلق لنفسه، ويكسر قانون القرية. بالتالي، إن على الحلاق أن يحلق لنفسه وأن لا يحلق لنفسه.
تم اقتراح العديد من الحلول مثل أن زوجته ستحلق له، أو أنه أصلع، أو أنه يستقيل كحلاق ليحلق لنفسه ثم يعود للعمل ثانية. ولعل هذه الأمور كلها ليست حلول، بل مجرد التفاف حول المشكلة. وإن من هنا أخبرك بإجابة سؤالك، أن المفارقات لا تحمل أمور، إذ أنها غالبًا ما تدور حول قصصٍ ومواقف غير موجودة، وهي من صنع خيالاتنا فقط.

     مفارقات اللغة
هناك الكثير من التناقضات اللغوية التي نتلفظ بها، إلا أننا أحيانًا لا نتمعن بما نقول. من أشهر المفارقات في هذا المجال هي مفارقة الكاذب. في العبارة البسيطة "هذه الجملة خاطئة" هي صحيحة وخاطئة في نفس الوقت. لو أننا قلنا أنها صحيحة فهنا نؤكد أنها خاطئة، وإن قلنا العكس، فهكذا نؤكد صحتها!
وفي هذه المفارقات نحن لا نلجأ لحلول، بل للتجاهل، فإن أمور اللغة هذه لا حلول لها في الواقع.

     المفارقات الرياضية
تعلمنا منذ الصغر أننا لا يمكننا قسمة أي رقم على صفر، إذ أننا سنخرج بقيمة غير معرفة. لكن إليك هذا: 2×0 = 3×0  وبقسمة الطرفين على صفر ينتج لدينا التالي: 2=3 وهذا يقودنا أن القسمة على صفر تقودنا نحو تناقض: 2≠3!

     بهذا أكون قد عرضت لك ثلاثة أنواع من المتناقضات، أحدها من العالم المادي، وبينما لا يحمل عالمنا تناقضات فسنعتبرها مجرد حدود للعقل. ثم المفارقات اللغوية التي تملئ اللغة، فنقوم بتجاهلها ببساطة. ثم تلك الرياضية التي تجعلك تأخذ حذرك في كل خطوة تخطوها حتى لا تقع في تناقض.



https://philosophynow.org/issues/106/Resolving_Paradoxes