المفكرون الذي يذهبون المذهب العقلي يبنون صرح هذا المذهب على أساس أمرين، هما :
۱: الأمر الأول أن هناك جزءاِ كبيراً من معارفنا وأفكارنا ما يطفح به كيل الحواس، ولايسعه وعاء المعرفة الحسي. فيقومون بالاستدلال بهذا النوع المحدد من المعارف والأفكار على مذهبهم الذي يقوم على العقل والأفكار المجردة.
۲: الأمر الثاني أنهم يصوغون تفسيرات، تكشف الملامح عن وجوه إنجاب العقل وحده دون غيره لهذه النوعية من المعارف والأفكار المتعلقة بالعالم الخارجي.
أما أصحاب المذهب التجريبي والمؤمنون به فيعادلون الأمرين السابقين بأمرين من عندهم، حيث يحاولون بهذين الأمرين أن يقوضوا خيام المذهب العقلي ودعم خيام مذهبهم التجريبي، ويكون ذلك بما يأتي:
۱: الأمر الأول أنهم يقدمون توجيهات، يظهرون بها أن ما يستدل به أصحاب المذهب العقلي من معارف وأفكار ويزعمون على أساسه أن طريقه طريق العقل وحده، إما أنه( ولد هو أيضا من رحم التجربة) اي ان التجربة أساس للمعرفة العقلية وتنشق المعرفة عن التجربة، وإما أننا لانعرفه تماماً ، وإنما نهم فيه وهماً (ف التجربيين في كثير من الأحيان يلوذون بالنزعة الشكية إذا لم يجدوا تفسيرا تجربيا لمعرفة ما ، ويقرضون بها ما عساهم أن يلزمهم لتعليل تلك المعرفة من النزوع إلى المذهب العقلي، ويقول التجريبيون: إذا كانت فكرة أو معرفة لم تزودنا بها التجربة، فإننا لا نعرفها معرفة).
۲: اما الأمر الثاني فهو أن التجربيين يستخدمون معول النقد على أسس التفسيرات التي يصوغها أصحاب المذهب العقلي ليتم الكشف عن وجوه إنجاب العقل وحده للأفكار والمعارف.
ومن هذه التفسيرات والمقارنة يتضح لنا الفرق بين المذهب العقلي والتجريبي عند الفلاسفة وأساس الحكم بكل منهما