سؤالك هذا جعلني ابتسم؛ لأنّه يقع في صميم اختصاصيّ، هناك عدّة عوامل وقوى وقيم وتقاليد تؤثر كمّاً ونوعاً في عمليّة تخطيط المنهاج وطبيعة الخبرة الّتي تقدّمها المدرسة للمتعلّمين، وهي:
أوّلاً: العوامل السياسيّة: ويقصد بها الفلسفة الوطنيّة، أي الأيدولجيا الوطنيّة الّتي تعمل على تيسير القطاعات التنمويّة في البلد، بحيث تؤثّر على النظام التربويّ وعمليّة تحقيق الأهداف، وتعيينات الوزراء والأمناء جميعها قرارات سياسيّة، حتّى تمويل التعليم وأنظمة الامتحانات تتأثّر بالسياسة.
ثانياً: العوامل الاجتماعيّة: كلّ مجتمع له توقّعات خاصّة حول الأهداف والغايات، بحيث ينبعان من المجتمع، لذلك تؤخذ بعين الاعتبار في تصميم المنهاج. لكلّ مجتمع تصوّرات عن نتاجات النظام التربويّ، لذلك يطلب المجتمع إعداد منهاج يتوافق مع توقّعاته؛ وذلك لتوفير فرص العمل للخرّيجين، وجلب العملة الصعبة، مع الأخذ بعين الاعتبار المشكلات الاجتماعيّة الّتي يعاني منها المجتمع المحلّيّ.
ثالثاً: تنوّع الديانات في البلد الواحد؛ لأنّه البعد الدينيّ من ركائز الحياة التي لا يمكن أن نتغافل عنه، ولا يوجد لدينا في الأردنّ أي مشكلة بتنوّع الديانات بالعكس تماماً هنالك تعايش بين الأديان.
رابعاً: مشاركة المرأة في النظام التربويّ: في الأردنّ تعدّ المرأة نصف المجتمع، وبالتحديد في عمليّة التربية والتعليم لها باع طويل، وهي شريك أساسيّ في عمليّة التعليم.
خامساً: ثقافة المجتمع: إنّ المجتمع المنظّم ضمن نقابات وجمعيّات لهم دور في تصميم المنهاج، مثال على ذلك هنالك شركات تقدّم تمويل لدائرة المناهج بالتالي تصبح لديها الصلاحيّة في التحكّم بالمنهاج وأهدافه.
سادساً: العوامل الاقتصاديّة: برأيك لماذا الحكومة تموّل التعليم؟ لأنّ التعليم هو المحور الأساسيّ الداعم للاقتصاد الوطنيّ، أمّا عن كيفيّة تأثير الاقتصاد في عمليّة تخطيط المنهاج، فإنّ المتعلّم الّذي يجلس على مقاعد الدراسة يحتاج بيوم من الأيّام إلى وظيفة تتطلّب مهارة معينة، والّتي يعمل المنهاج على تنميتها، ثمّ يصبح المتعلّم فرداً منتجاً في سوق العمل. إنّ المعرفة والاتّجاهات والمهارات الّتي يحتاجها الفرد تتطوّر داخل الغرفة الصفّيّة، بالمقابل هنالك قوّة في سوق العمل تتطلّب إدراج تلك المهارات داخل المنهاج.
سابعاً: العوامل التقنيّة: يعدّ الحاسوب أحدث الابتكارات الّتي لها تأثير على المجتمع، وأصبح جزء لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة، فالعديد من الاستخدامات تعتمد على الحاسوب، لذلك من المهمّ أن يمتلك الطالب المهارات الحاسوبيّة وتوظيفها في أثناء عمليّة بناء وتصميم المنهاج. وتكمن أهمّيّة توظيف التقنيّة بالمنهاج وعمليّة التعليم أنّها تساعد على التعلّم الذاتيّ والفرديّ.
ثامناً: العوامل البيئيّة: كثير من الظواهر من حولنا تدلّ على تجاوز الإنسان للبيئة الطبيعة، ومع مرور الوقت أصبحوا غير مهتمّين بالبيئة ومواردها الطبيعيّة، ممّا أثّر سلبيّاً على السماء "ثقب الأوزون" والأرض والماء، ويعدّ المنهاج أحد الأساليب الّتي قد تحدّ من هذا التعدّي وتوعية الأفراد بذلك، وإكسابهم أساليب صحيحة في التعامل مع البيئة، لذلك يتمّ الأخذ بعين الاعتبار العوامل البيئيّة في تصميم وتخطيط المنهاج.
تاسعاً: علم النفس التربوي: أي توظيف نظريّات التعلّم في عمليّة تصميم المنهاج، وكيفيّة تقديم المعرفة له، وبمعنى آخر كيفيّة تعلّم الطفل، وآليّة تقديمه باستخدام استيراتجيّات وطرق التدريس.
يتمّ تخطيط المنهاج وفقاً لأربعة أسس وهي:
1. الأساس التاريخيّ: أي جميع القضايا والعوامل الّتي وقعت في الماضي وتؤثّر عليه في الحاضر.
2. الأساس الفلسفيّ: يقصد بها البحث عن الحقيقة والسعي وراء الحكمة والمعرفة، ومنها المثاليّة، الواقعيّة، البراغماتيّة، الوجوديّة، الإسلاميّة.
3. الأساس الاجتماعيّ: القضايا المجتمعيّة والجماعات ومؤسّسات المجتمع وعلاقاتها بعمليّة التعليم.
4. الأساس النفسيّ: يتضمّن نظريّات التعلّم وأفكار فلاسفة علم النفس وتأثيرها على عمليّة التعلّم والتعليم.
يذكر أنّ عمليّة تخطيط المنهاج هي تصوّر لما سيكون عليه تصميم المنهاج، بحيث يتمّ جمع المعلومات من مصادرها المختلفة وتصنيفها وتنظيمها من أجل اقتراح الخبرات الّتي تساعد المتعلّمين على تحقيق الأهداف، وتشتمل على تقدير الحاجات، تحديد الفئة المستهدفة، تحديد المعنيّين بوضع المنهاج، والعمل على تطويرها وتنفيذها وتقويمها ومراقبتها.
87 مشاهدة
