- الله عز وجل ميّز الإنسان عن الملائكة في تركيبة جسمه وحاجاته الجسدية والنفسية وشهواته ورغباته.
- فالملائكة قد نزع الله تعالى منهم الشهوات فهم لا يتزوجون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتغوطون ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فالله تعالى خلقهم للعبادة فقط وكلف بعضهم ببعض الوظائف كحملة العرش وكتبة الحسنات والسيئات وخازن الجنة وخازن النار ، وقبض الأرواح ، والنفخ في البوق وغيرها .
- بينما الإنسان: وضع الله فيه الشهوة ، لطبيعته ولمهمته في الأرض ، فمن كمال وظيفته في الأرض وإستمرار وجوده ونسله وتحقيق استخلاف الله تعالى في أرضه ركب فيه الشهوة ( شهوة الطعام والشراب والجنس ) وفي نفس الوقت بيّن له سبحانه طريق الخير وطريق الشر ، ووضح له الحلال والحرام .
- لذلك جُبل الإنسان على حب الدنيا وشهواتها وملذاتها من النساء والمال والجاه والسلطان والأنعام وغيرها .
- قال الله تعالى: ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ . قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد ) سورة آل عمران/14-15.
- فمن خلال الآية الكريمة نستنتج الحكمة الإلهية من تركيب الشهوة في الإنسان
- فالله تعالى خلق الخير والشر ليحقق التوازن في الأرض ، ووضع الإنسان أمام إختبار بعد أن بين هداه النجدين والسبيلين، ليقيم الحجة على الإنسان أن يضبط نفسه أمام الشهوات والشبهات.
- فشهوات الحياة الكثيرة مركبة في الإنسان ، ولكن الشرع وضع لكل شهوة ضوابطها بحيث لا يتعد الإنسان هذه الضوابط فتصبح هذه الشهوة وبالاً عليه في الدنيا والآخرة .
- والشهوة الجنسية من أهم الشهوات وهي فطرة طبيعية للإنسان المخلوق من التراب ، وقد وضع الشرع طريقاً صحيحاً لقضاء هذه الشهوة وهو طريق الزواج الشرعي الصحيح .
- وبنفس الوقت حرم الشرع كل الطرق التي تؤدي إلى قضاء هذه الشهوة في غير مكانها فحرم النظر والخلوة والاختلاط وكل ما يؤدي إلى فعل الفاحشة .
- ولو جعل الشرع باب قضاء الشهوة مفتوحاً لأدى إلى دمار المجتمع وإختلط النسب وكثرت الأمراض كالأيدز وغيره .
- وإذا سيطر الإنسان على شهوته وتحكم بها وقضاها في الحلال ،كان قوياً في إيمانه وإرادته ، وصار حراً متعففاً عن المحرمات .
- وعليه : فحتى يقوم الإنسان بعبادة ربه في هذه الحياة الدنيا ، فلا بد له من المحافظة على بدنه ليساعده على أداء هذه المهمة ،ولا سبيل لحفظ البدن إلا بإعادة ما يتحلل منه ، ولا يمكن إعادة ذلك إلا بتناول الأغذية ، ولا يمكن تناول الأغذية إلا بالشهوة ، فإذًا الشهوة محتاج إليها ، ومرغوب فيها ، وتقتضي الحكمة الإلهية إيجادها وتزيينها ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) آل عمران/14.