بالطبع فإن الحكمة الحقيقية لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولكن هناك بعض الاجتهادات التي يمكن استخلاصها مما هو موجود من معلومات بين أيدينا، وقد اجتهد العلماء فيما يخص بني إسرائيل وسبب كثرة ذكرهم في القرآن الكريم.
وأما أبرز الأسباب التي تفسر كثرة بعثة الأنبياء لليهود أو بني إسرائيل، هو
فسادهم الكثير في الأرض و
عصيانهم لأوامر الله عز وجل وتمردهم المستمر، وفي كل مرة ينحرفون عن الطريق كان الله يبعث عليهم رسولاً يهديهم، ولكثرة انحرافهم وجب أن يكون عدد الأنبياء المرسلين كثيراً أيضاً.
وإجابة على تساؤل سبب ذكر بني إسرائيل المتكرر في القرآن الكريم، فإن هناك عدد من النقاط يمكن ذكرها تفسيراً لذلك من خلال استعراض طريقة ذكر الله عز وجل لهم في القرآن:
أولاً: ينقسم بنو إسرائيل إلى قسمين فئة صالحة وهم مؤمنون وفئة فاسدة وهم الفاسقون، وقد أشار القرآن الكريم لكلا الفريقين وملامح كل منهما وسبب صلاح الفئة الأولى وسبب فساد الفئة الثانية.
وبهذا يتبين لك أن بني إسرائيل رغم أن أغلبهم كان ينحرف عن الطريق ولكن كان منهم المؤمنين الذين يتبعون الحق ويلزمون كلام النبي المرسل لهم.
ثانياً: الفئة الأكبر من بني إسرائيل هم العصاة والفاسقين، وكانوا يعتدون على الفئة الصالحة ويهينونهم ويقللون من شأنهم لقلتهم.
ثالثاً: لبني إسرائيل عدة صفات مذمومة، كانت هي سبب هلاكهم وقد أشار لها الله عز وجل في القرآن، وهذه الصفات هي:
- بغض الحق وشدة عداوتهم للمؤمنين.
- قتل الرسل والأنبياء المبعوثين لهم.
- تحريف كتاب الله عز وجل المرسل لهم والافتراء على الله عز وجل من أجل مطامعهم الدنيوية.
- الشرك بالله عز وجل واتخاذ آلهة لا تغني ولا تسمن من جوع.
- الضغينة والحسد وعدم محبة الخير للمؤمنين.
- الإفساد بالأرض.
- عدم الوفاء بالعهد ونقض الميثاق.
- الاستهتار بشعائر الدين.
- التعامل بالربا الذي حرم عليهم.
- قسوة القلب ومحبة الدنيا الزائلة.
- التفرقة الداخلية التي لا تظهر من الخارج.
رغم أن الله عز ولأخبر بني إسرائيل بأنهم أفضل الأمم، لأنه بعث فيهم الأنبياء والصالحين والدعاة، إلا أنهم استمروا بالمعصية وأنكروا شرع الله وحرفوا كتابه من أجل مطامعهم.
وقد أصابتهم النفة والكبر، لكثرة الأنبياء المرسلين منهم رغم إعراضهم عنهم، ولذا لم يقبلوا فكرة أن يكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليس يهودياً وإنما عربياً، وكان هذا أبرز الأسباب لمحاربتهم له وإعراضهم عن رسالته.
من الأنبياء الذين بعثوا لبني إسرائيل:إبراهيم عليه السلام، لوط عليه السلام، يعقوب عليه السلام، يوسف عليه السلام، موسى عليه السلام، عيسى عليه السلام.
ومن
أكثر الأنبياء ذكراً في القرآن الكريم مع بني إسرائيل هو
موسى عليه السلام، ومن أبرز الأحداث التي حصلت مع سيدنا موسى وبني إسرائيل، هي رحلة العودة من مصر إلى مدين، ومما ورد في القرآن خلال هذه الرحلة:
وفر الله عز وجل لبني إسرائيل أثناء رحلتهم وسائل الراحة ليعينهم في رحلتهم من ماء وغذاء وذلك بإنزال المن والسلوى عليهم، ووقاية من الشمس وحرهابتظليلهم بالسحاب، ولكنهم رغم ذلك طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً لما مروا على جماعة يعبدون آلهة وهم في طريقهم.
ولما انعزل عنهم موسى عليه السلام للقاء الله عز وجل، اتخذوا عجلاً إلهاً، ولما عاد موسى إليهم ووجد ما هم فيه من ضلال أمرهم العودة إلى الله عز وجل، وعاد يدعوهم ويخرجهم من ضلالهم بعبادتهم العجل المصنوع من الذهب.
وهنا خاطب موسى الشخص الذي كان سبباً في فتنة بني إسرائيل وهو السامري، وجادله في أمر العجل ثم قام بإحراقه وألقاه في البحر، والذي هو على أغلب القول البحر الميت في الأردن.
ورفض بنو إسرائيل الخيرات التي رزقهم الله إياها، فأصبحوا ذليلين في الأرض في مصر جزاء بإكارهم لنعم الله عز وجل عليهم.