شهادة الزور من أكبر الكبائر التي حرمها الله وحذر عباده منها في الكتاب والسنة:
ففي القرآن قال تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (الحج، 30)
وقول الزور كما يدخل فيه الشرك لأنه من الشهادة بالزور أن هناك إلهاً آخر يستحق العبادة، فيدخل به أيضاً شهادة الزور في حقوق العباد بعضهم على بعضهم.
ووصف الله عباده المؤمنين بقوله (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان: 72).
فمن شهد بالزور فليس من عباد الله الممدوحين بالإيمان.
أما في السنة:
- فقد جاء فيها الحديث المشهور عن أبي بَكْرَةَ- رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أَلا أُنَبِّئُكم بِأَكْبَرِ الْكَبَائِر؟» - ثَلاثا- قُلْنَا: بَلى يا رسول الله، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِالله وَعُقُوقُ الوالدين، وكان مُتَّكِئاً فَجَلس، وَقَال: ألا وَقَوْلُ الزور، وَشهَادَةُ الزُّور»، فَما زال يُكَرِّرُها حتى قُلنَا: لَيْتَه سَكَت (متفق عليه).
فعده عليه السلام شهادة الزور من أكبر الكبائر، ثم جلوسه بعد أن كان متكئاً وتكراره لذكر شهادة الزور مراراً دليل واضح على خطورة هذه المعصية وعظيم جرمها عند الله وخطرها.
وكونها من أكبر الكبائر معناه أن صاحبها إن لم يتب منها مهدد بعذاب أليم يوم القيامة فهو على خطر عظيم.
- وفي حديث آخر عن أنس – رضي الله عنه – قال: سئل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الكبائر قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور) (البخاري).
- وفي حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". (رواه البخاري).
وفي هذا الحديث تهديد واضح أيضاً أن شاهد الزور لا تقبل منه أعماله الصالحة فكأن صيامه وصلاته مجرد تعب لا يثمر، وهذا إشارة إلى ان سيئاته تذهب حسناته.
وشهادة الزور إنما كانت بهذه الخطورة الشديدة وجاء فيها هذا التشديد لأن صاحبها يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، فلو تساهل الناس فيها وفسدت ذممهم لضاعت الحقوق وساد الهرج والمرج، ولم يعد أحد يثق بقضاء أو سلطان.
ولله أعلم