بكى إبليس عند نزول سورة الفاتحة، فقد أخرج الطبراني في الأوسط من طريق مجاهد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "أن إبليسَ رنَّ حينَ أُنزِلت فاتحةُ الكتابِ وأُنزِلت بالمدينةِ". (الطبراني، المعجم الأوسط: 100/5).
كما ثبت بالسنة النبوية بكاء الشيطان عند سماعه لسجدة التلاوة، لما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا قرَأ ابنُ آدَمَ السَّجدةَ فسجَد اعتزَل الشَّيطانُ يبكي ويقولُ: يا ويلَه أُمِر ابنُ آدَمَ بالسُّجودِ فسجَد فله الجنَّةُ وأُمِرْتُ بالسُّجودِ فأبَيْتُ فلِيَ النَّارُ" حديث صحيح. (رواه ابن حبان في صحيحه: 2759).
ووردت روايات ضعفها بعض أهل العلم في أنه بكى عند نزول بعض الآيات. فقد أخرج عبد الرازق وعبد بن حميد وابن جرير عن ثابت البناني قال: بلغني أن إبليس عندما نزلت هذه الآية بكى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذٌّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَم يُصِرٌّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ *أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ} آل عمران [الآية: 135]
وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاف بن خالد قال: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى: (ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا…) صاح إبليس بجنوده، وحثا على رأسه التراب، ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، فقالوا: مالك يا سيدنا؟ قال: آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحد من بني آدم ذنب. قالوا: وما هي؟ فأخبرهم. قالوا: نفتح لهم أبواب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون، ولا يرون إلا أنهم على الحق. فرضي منهم ذلك)
قال القرطبي -رحمه الله- في كتابه (المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم: 1/274)
" وبكاء إبليس المذكور في الحديث: ليس ندما على معصيته، ولا رجوعا عنها، وإنما ذلك لفرط حسده وغيظه وألمه بما أصابه من دخول أحد من ذرية آدم عليه السلام الجنة ونجاته، وذلك نحو مما يعتريه عند الأذان، والإقامة، ويوم عرفة.
المصادر:
- https://al-maktaba.org/
- (أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم، القرطبي، المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم، ط. ١، س. ش ١٩٩٦)