المرجئة: هم جماعة تعتقد بأن الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمِلٍ أي أن الإيمان منفصل عن العمل وأن الإيمان بالقلب ولا يحتاج إلى عمل كل يصدقه.
-وهم بذلك يخالفون أهل السنة والجماعة في أصل من أصول العقيدة، حيث يقول أهل السنة: أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
- فالإيمان عندهم هو التصديق والقول فقط، ولا يزيد ولا ينقص، ولا دخل للطاعة والمعصية في مسمى الإيمان.
أقسام المرجئة:
القسم الأول: المرجئة المحضة أو الغلاة، وهم الجهمية، وزعيمهم الجهم بن صفوان، فإن الجهم بن صفوان اشتهر بأربع عقائد بدعية هي:
1-عقيدة نفي الصفات وأخذها عنه الجهمية.
2-عقيدة الإرجاء وأخذها عنه المرجئة.
3-عقيدة الجبر -أي أن العبد مجبورٌ على أعماله وأخذها عنه الجبرية.
4-عقيدة القول بفناء الجنة والنار. فهذه أربع عقائد خبيثة اشتهر بها الجهم.
- كما أنهم يعتقدون أن الإيمان هو مجرد المعرفة، أي مجرد معرفة الرب بالقلب، فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن، ولا يكون الكفر إلا إذا جهل ربه بقلبه، وبهذا ألزمهم العلماء بأن إبليس مؤمن؛ لأنه يعرف ربه قال الله تعالى عن إبليس: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، ويكون فرعون أيضاً مؤمن لأنه يعرف ربه بقلبه، قال تعالى عنه وعن قومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
- وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان معتقد المرجئة المحضة: "إنه أخفى هذا مدة ثم أظهره"، وبيّن أن عقيدتهم مجرد معرفة الرب بالقلب، وأنه لو فعل الأعمال الكفرية مع ذلك فلا تؤثر في إيمانه!! فلو سبَّ الله أو سبَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أو سبَّ دين الإسلام وقتل الأنبياء والمصلحين وهدم المساجد وفعل جميع المنكرات فلا يكفر ما دام يعرف ربه بقلبه!! وهذا هو أفسد قول قيل في تعريف الإيمان، وهو قول أبي الحسين الصالحي من القدرية. ويليه في الفساد قول الكرّامية القائلين: بأن الإيمان هو النطق باللسان فقط، فمن شهد أن لا إله إلا الله بلسانه فإنه يكون مؤمناً ولو كان مكذباً بقلبه، ويسمونه مؤمناً كامل الإيمان، وإن كان مكذباً بقلبه فهو مخلد في النار فيلزمهم على هذا أن المؤمن الكامل الإيمان مخلدٌ في النار وهذا من أعظم الفساد وهو يلي قول الجهم في الفساد.
القسم الثاني: وهم مرجئة الفقهاء، وهم أهل الكوفة كأبي حنيفة -رحمه الله- وأصحابه، وأول من قال بأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان هو حماد بن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة، وأبو حنيفة له روايتان في حد الإيمان:
الرواية الأولى: أنه تصديق القلب وقول اللسان، وهذه الرواية عليها أكثر أصحابه.
والرواية الثانية: أن الإيمان هو تصديق القلب فقط، وأما قول اللسان فهو ركن زائد خارج عن مسمى الإيمان، وعلى هذه الرواية يوافق قول الماتريدية أن الإيمان هو تصديق القلب فقط.
- ولكن الأعمال مطلوبة عندهم كالصلاة والزكاة والصوم والحج فالواجبات واجبات والمحرمات محرمات، ومن فعل الواجب فإنه يستحق الثواب والمدح ومن فعل الكبائر فإنه يستحق العقوبة ويقام عليه الحد، ولكن لا يسمونه إيماناً، يقولون: الإنسان عليه واجبان: واجب الإيمان، وواجب العمل، ولا يدخل أحدهما في مسمى الآخر.
- بينما جمهور أهل السنة يقولون: العمل من الإيمان وهو جزء منه فالأعمال واجبة وهي من الإيمان، ومرجئة الفقهاء يقولون: الأعمال واجبة وليست من الإيمان، ولهذا قال من قال بأن الخلاف بينهم وبين جمهور أهل السنة خلاف لفظي، وقال بهذا شارح الطحاوية والصواب أنه ليس لفظياً.
وأبرز معتقداتهم
أولاً: فالمرجئ هو من يؤخر العمل والطاعة عن الإيمان.
ثانياً: أن الشرائع السماوية ليست من الإيمان- فالإيمان هو التصديق بالقول فقط دون العمل المُصدّق بوجوبه.
ثالثاً: أن الإيمان ثابت لا يزيد ولا ينقص لأن التصديق بالشيء والجزم به لا يدخله زيادة ولا نقصان عندهم.
رابعاً: أن العمل ليس داخلاً في حقيقة الإيمان، حتى لو ترك الشخص العمل بالكلية فلا يؤثر على إيمانه.
خامساً: أن أهل المعاصي مؤمنون كاملو الإيمان بكمال تصديقهم بالقول.
سادساً: ويقولون بأن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان!!
- وأول ظهور المرجئة كان في آخر عصر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم:
- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ثم في أواخر عصر الصحابة حدثت القدرية في آخر عصر ابن عمر وابن عباس؛ وجابر؛ وأمثالهم من الصحابة، وحدثت المرجئة قريبا من ذلك، وأما الجهمية فإنما حدثوا في أواخر عصر التابعين بعد موت عمر بن عبد العزيز".