ما هي أعراض المس والصرع الشيطاني وهل له أي أصل في الكتاب والسنة

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٢ نوفمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
المس أو الصرع الذي سببه الشيطان يعني تأثير الشيطان على جسد الإنسان وروحه وعقله بنوع تأثير ، وهذا التأثير يختلف من شخص لآخر ، فقد يكون المس بتلبس الشيطان للإنسان بحيث يعرض له تصرفات غريبة ويسبب له اضطراب في عقله يتصرف تصرفات عجيبة غريبة لا تتناسب مع ما عرف عن هذا الشخص ، وقد يصل الحال إلى أن ينطق الشيطان على لسان الإنسان أو يصدر أصواتا على لسانه ، وغالب هذا المس يجهد بدن الإنسان ونفسه وفكره ويجعله في عدم استقرار دائم .
وتأثير الشيطان على بدن الإنسان وعقله وروحه وهو ما يسمى بالمس أو الصرع الشيطاني أمر ثابت بالقران والسنة وإجماع الأمة :
- من القران قوله تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) (البقرة ، 275)
فهذه الآية أجمع المفسرون من أهل السنة وغيرهم على أنها تدل على حقيقة مس الشيطان للإنسان فهذا هو المشبه به ، ودعوى بعض علماء المعتزلة ومن وافقهم أنه لا حقيقة له وإنما تمثيل عن واقع آكل الربا يوم القيامة لا حقيقة له مردود .

- من السنة :
أ. عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس، ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها.
قال ابن حجر: وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني.
وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط. هـ.

ب. عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابن أبي العاص؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال ما جاء بك، قلت يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: ذاك الشيطان، ادنه، فدنوت منه فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: اخرج عدو الله، ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: الحق بعملك، فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني بعد.
رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: إسناده صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وصححه الألباني.

ج. عن يعلى بن مرة الثقفي: عن أبيه: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم معها صبي لها به لمم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج عدو الله، أنا رسول الله، قال: فبرأ.رواه أحمد، وصححه الألباني.

أما من الإجماع :
قال أبو الحسن الأشعري في الإبانة عن أصول الديانة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة ـ الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ـ ونحن بذلك معتصمون.. - إلى أن قال- .. وأن الشيطان يوسوس الإنسان ويشككه ويخبطه، خلافا للمعتزلة والجهمية كما قال تعالى:الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.هـ.
وقال ابن تيمية رحمه الله : دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة.هـ.
ونقل ابن تيمية عن عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: (قلت لأبي إن أقواماً يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه).

وهذا لا يعني أنا نقول أن أي تعب أو إجهاد او اضطراب نفسي فإنا نعزوه إلى صرع الجن أو مس الشيطان فهذا خلاف الواقع ، بل قد يكون كثير مما يظن الناس أن فيه مسا أو صرعا إنما هو مرض بدني أو نفسي يحتاج علاجا بدنيا أو روحيا . وإنما الأمر كما قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد  على نوعين:
(الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني: هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.
وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه، فذكر بعض علاج الصرع وقال: (هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة، وأما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج...
.. وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده، ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك من جهل هؤلاء وضعف عقولهم).

اما أعراض المس والصرع الشيطاني فتختلف ، وتحتاج معرفتها إلى أهل الخبرة والثقة من أهل الدين الذي لديهم اطلاع على هذا الأمر ومعالجة له ، ممن يستطيعون التفريق بين المس الشيطاني والمرض النفسي  ، فيقرؤون القران والرقية الشرعية على المريض ويرون ردة فعل المقروء عليه وبحسب ردة فعله يقررون .

فمن الأمور التي قد تؤشر على وجود مس أو صرع :
- نفور شديد من القران والصلاة ، وقد يبلغ إلى صدور أصوات أو حركات غريبة غير معهودة عند سماعه القران.
- فقدان التركيز المستمر وتشتت في الذهن .
- تصرفات غريبة غير معهودة من الشخص نحو عائلته أو من هم حوله .

أما العلاج :فيجب عليه تواطأ من الشخص نفسه مع المعالج الراقي ، كما قال ابن القيم ملخصه :  ( أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج :
-  فالذي من جهة المصروع: يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ... .
والثاني من جهة المعالج: بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً ) 

والله اعلم

المصدر : 
- زاد المعاد في هدي خير العباد ،  ابن القيم الجوزية .
- الشبكة الإسلامية ( https://www.islamweb.net/ar/fatwa/130773/ )