سأذكر لك جزئيات من قصائد في رثاء الابناء:
يقول ابن عبد ربه في رثاء ابنه:
على مثلها من فجأة خانني الصبرُ
فراق حبيب دون أوبته الحشرُ
ولي كبِد مشطورةٌ في يد الأسى
فتحتَ الثرى شطرٌ، وفوق الثرى شطرُ
يقولون لي صبِّر فؤادك بعده
فقلت لهم ما لي فؤاد ولا صبر
ويقول ابن عبد ربه أيضاً:
إذا ذكرتُك يومًا قلتُ: واحـــزنـــا
وما يرد عليّ القول "واحزنا" !؟
يا سيدي ومراح الروح في جسدي
هلا دنا الموت مني حين منك دنا
يا أطيب الناس روحا ضمها بدنٌ
أستودع الله ذاك الروح والبدنا!
ومن قصيدة الشاعر التهامي:
حكمُ المنيَّة في البريَّـة جـارِ
ما هذه الدنيـا بـدار قـرارِ
يا كوكبًا ما كان أقصرَ عمـره
كذا تكون كواكبُ الأسحـار
عجل الخسوفُ عليهِ قبل أوانهِ
فمحاه قبـل مظَّنـة الإبـدار
فكـأنّ قلبـيَ قبـرهُ وكأنَّـهُ
في طيِّه سـرٌّ مـن الأسـرار
درّت عليك من الغمام مراضع
وتكنفتك من النجوم جواري
جاورتُ أعدائي وجاورَ ربّـهُ
شتّان بين جوارهِ وجـواري
وفي عصرنا هذا رثى الشاعر محمود مرعي ابنته عائشة:
كانَتْ عَروسَ الدَّارِ أَجْمَلَ وَرْدَةٍ
تُهْدي الشَّذا لِلْبَيْتِ وَالسُّكَّانِ
وَتُوَزِّعُ البَسَماتِ في جَلَساتِها
وَيَفيضُ مِنْها البِشْرُ لِلْجيرانِ
اَلْكُلُّ عَنْ أَخْلاقِها قَدْ حَدَّثوا
أَوْ طيبِها وَالعَقْلِ وَالرَّجَحانِ
كانَتْ مَلاكي في الحَياةِ وَحارِسي
إِنْ قُلْتُ "عُشْعُشَ" صَوْتُها لَبَّاني
رَكَضَتْ تُسابِقُ ضَحْكَها نَحْوي وَكَمْ
ساقَتْ طَرائِفَها إِلى آذاني
وَإِذا صَرَخْتُ مُغاضِبًا وَمُعاتِبًا
هَبَّتْ تُراضيني "أَنا هِيَّاني!"
وَتَلُفُّني بِذِراعِها وَحَنانِها
وَبِبَسْمَةٍ تَسْتَلُّ ما أَعْياني
وَتُقَرِّبُ الخَدَّ الطَّهورَ لِقُبْلَةٍ
وَتَغيبُ وَالأَفْراحُ مِلْءَ جَناني
ومن ابيات ابن الرومي في رثاء بنيه، وخاصة ابنه الأوسط:
بكاؤكما يَشفي وإن كان لا يُجـدي
فجودا فقد أودى نظيركما عنـدي
توخّى حِمام الموت أوسط صبيتي
فلله كيف اختار واسطـة العِقـد
فيا لكِ من نفس تساقـط أنفسًا
تساقطَ درٍّ من نظـام بـلا عَقـد