لا توجد آية معينة ومحددة في القرآن الكريم تتحدث عن تصفيد الشياطين في شهر رمضان المبارك.
- بينما ورد ذكر تصفيد الشياطين في الحديث النبوي الشريف، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ) متفق عليه.
- وقد "سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم (وصفدت الشياطين) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون؟"
فأجاب بقوله: "في بعض روايات الحديث: (تصفد فيه مردة الشياطين) أو (تغل) وهي عند النسائي، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه: إن الإنسان يصرع في رمضان. قال الإمام: هكذا الحديث ولا تكلم في هذا."
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان."
- وقد اختلف أهل العلم في تفسيرهم لتصفيد الشياطين في شهر رمضان المبارك:
1-فقال بعضهم: أن التصفيد خاص بالمردة، أو بمسترقي السمع منهم.
2- وقيل: إن هذا يقع في ليالي رمضان دون أيامه.
3-وقيل: إن ذلك خاص بالشياطين القائمين على فتنة المسلمين، وتزيين المعاصي لهم.
4- وذهب بعض أهل العلم إلى تخصيص ذلك بالصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه دون غيرهم.
5- أن التصفيد خاص بالمؤمنين الصائمين، بينما الكافرين فلا يشملهم هذا التصفيد وتبقى مردة الشياطين توسوس وتزين لهم المنكرات والمعاصي والذنوب.
6- وقيل إن المراد بالتصفيد إما على الحقيقة ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين، أو مسترقو السمع منهم بخاصة، وإن تسلسلهم يقع في أيام رمضان دون لياليه، لأنهم منعوا زمن نزول القرآن من استراق السمع، فزيدوا في التسلسل مبالغة في الحفظ.
وإما على المجاز، ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، لانكفاف الناس عن المخالفات، وقلة إغواء الشياطين، فيصيروا كالمصفدين، ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء، ولناس دون ناس. ذكر ذلك النووي عن القاضي عياض في شرحه لمسلم. وقال بعض أهل العلم: إن المصفد هم بعض الشياطين، وهم المردة، ذكره القرطبي وغيره.
- وجاء في تفسير لحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري قوله: "وسلسلت الشياطين": يحتمل أن يكون المراد من الشياطين مسترقو السمع منهم، وأن تسلسلهم يقع في ليالي رمضان دون أيامه، لأنهم كانوا منعوا في زمن نزول القرآن من استراق السمع فزيدوا التسلسل مبالغة في الحفظ، ويحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر،
- وقد صح عن أبي هريرة بلفظ: وتغل فيه مردة الشياطين. زاد أبو صالح في روايته: وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة. لفظ ابن خزيمة وقوله (صفدت) بالمهملة المضمومة بعدها فاء ثقيلة مكسورة، أي شدت بالأصفاد، وهي الأغلال، وهو بمعنى سلسلة،
ومثله ما جاء من حديث ابن مسعود وقال فيه: فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب الشهر كله. قال عياض: يحتمل أنه في ظاهره وحقيقته، وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين،