قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) سورة الذاريات/ 56.
- فحياتهم كحياة البشر ولهم مساكن ويتزوجون ويتكاثرون...
- فالله عز وجل هو الخالق: وهم خلق من خلق الله تعالى وأمرهم بالعبادة فهم مكلفون بعبادة الله تعالى كالبشر تماما. فمنهم المسلم ومنهم الكافر ومنهم العاصي والفاسق. فمن آمن منهم بالله تعالى دخل الجنة، ومن عصى الله تعالى دخل النار. لقول الله تعالى: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) سورة الجن/ 14، 15 .
- وقال تعالى عن الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً) سورةالجـن/ 11.
- وكما هو معلوم فإن الله تعالى قد خلق الجن قبل أن يخلق الإنس، وحياتهم كحياة البشر يتزوجون ويتناسلون ولهم حياة خاصة بهم والدليل على ذلك قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُو} (سورة الكهف: 50)
- وقد خلق الله تعالى الجان من نار، وخلق الإنسان من طين.
- وبالنسبة لمساكنهم فهم يسكنون في الخراب وفي أماكن النجاسات مثل المزابل والحمامات، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) رواه أبو داود وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة.
- والمقصودبالْحُشُوشَ: هي أماكن قضاء الحاجة أي الحمامات.
- ومعنى كلمة مُحْتَضَرَةٌ: أي تحضرها الجن والشياطين.
- وقد أورد بعض المفسرون بأن الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ هم ذكران الشياطين وإناثهم.
وقيل: المراد بالخبث الشر، وبالخبائث النفوس الخبيثة، فيشمل ذكران الشياطين وإناثهم.
- كذلك فإن الجن يموتون كما يموت الإنس، وتقبض أرواهحهم ولا يعلم أحد كيف تقبض أرواحهم فهم داخلون تحت قوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فان) سورة الرحمن/ 26.
- فعالم الجن هو عالم مجهول وهو من علم الغيب. لا يعلم أحد عنهم أي شيء إلا ما أخبرنا به القرآن الكريم والسنة النبوية.
-وبناء على ذلك لا نستطيع أن نتحدث عنهم بأي شيء إلا بما ورد في النصوص الشرعية، وما عدا ذلك يبقى خافياً علينا، قال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) سورة الإسراء/ 36.
- وقد تم تكليفهم بالطاعات وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذهب بعض العلماء إلى أن التكاليف التي أمروا بها كالتي أمر بها البشر سواء بسواء، وذهب آخرون إلى أن تكاليفهم تناسب قدرتهم وطاقته.
- وفي هذا الشأن قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فهم مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم ، فإنهم ليسوا مماثلين الإنس في الحد والحقيقة ، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف ، بالأمر والنهي ، والتحليل والتحريم ، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعا بين المسلمين " .
- كما أن للجن قدرتهم خاصة بهم تفوق قدرة البشر وطاقتهم في جوانب معينة، من ذلك قدرتهم على التأثير بالوسوسة أو الإيحاء دون تدخل مادي، وهذا المعنى يلخصه الشيطان في خطبته لأهل النار الذين اتبعوه، قال تعالى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} (إبراهيم: 22)
- فالله تعالى أخبرنا عن الجن وعن جميع المخلوقات بالشيء الذي ينفعنا وقد كتم عنا أمور لا نعلمها لحكمة بالغة منه, ولو كانت معرفته ضرورية لنا لأخبرنا الله تعالى به ، ولذلك ينبغي عدم التكلف في مثل هذه المسائل ، والبحث عن غوامضها التي لا تعلم إلا بالوحي .