المقصود بحجرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن هي مساكنهن أو بيوتهن في المدينة المنورة.
- ويبلغ عددها تسع حجرات على عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .
- حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم ببناء تلك الحجرات أو بعضها بعد بناء المسجد بعد الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكانت تقع في الجهة الشرقية من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
- وكانت مواد البناء من الحجارة والطين وجريد النخل.
- وكانت كل حجرة تتكون من غرفة - لا يزيد ارتفاعها عن خمسة أذرع، أي مترين ونصف- وبرندة وفناء به منافع كمكان للطبخ ودورة مياه، ويحيط بالفناء سور، بعضه من اللبن (طوب الطين) والبعض الآخر من جريد النخل.
- ولكن هذه الحجرات تم إزالتها في زمن عمر بن عبد العزيز - حيث كان والياً على المدينة، وكان ذلك بأمر من خليفة المسلمين الوليد بن عبد الملك - وكان السبب في إزالتها هو توسعة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم .
- ولم تبقى من تلك الحجرات إلا حجرة عائشة والتي توفي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بها - لأن الأنبياء يدفنون مكان موتهم - .
- وقد ورد ذكر الحجرات في القرآن الكريم بل أن سورة كاملة تسمى بسورة الحجرات ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) سورة الحجرات (4)
- عن زيد بن أرقم, قال: جاء أناس من العرب إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل, فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به, وإن يكن ملِكا نعش في جناحه; قال: فأتيت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فأخبرته بذلك, قال: ثم جاءوا إلى حجر النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فجعلوا ينادونه. يا محمد, فأنـزل الله على نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) قال: فأخذ نبيّ الله بأذني فمدّها, فجعل يقول: " قَدْ صَدَّقَ اللّهُ قَوْلَكَ يا زَيْدُ, قَدْ صَدَّقَ اللّهُ قَوْلَكَ يا زَيْدُ".
- وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحجرات في حديث الفتن : أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة من الليالي التي كان فيها مع زوجته أم سلمة رضي الله عنها وهي التي روت الحديث فقال متعجباً: مما رأى -أو مما أوحى الله تعالى به إليه (سبحان الله) وما أكثر ما نزل في هذه الليلة من الفتن.... وما أكثر ما فتح فيها من خزائن رحمة الله تعالى على عباده، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها بإيقاظ صواحب الحجر (زوجاته الأخريات) لقربهن منه صلى الله عليه وسلم حسا ومعنى، وحتى لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى يتجنبن ما نزل من الفتن. أخرجه البخاري
- والحجرة عند العرب هي ما احتجرته من أرض، أي قمت بتسويره، والبيت هو مكان المبيت ليلا، وعلى هذا فالحجرة أكبر من البيت والبيت أكبر من المخدع، ومن هنا ندرك قوله تعالي "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات" ولم يقل من وراء البيوت، وكذلك يصحح المفهوم الذي يتصور ان مساكن رسول كانت ضيقة وان أبوابها كانت تفتح علي المسجد، والصحيح ان أبواب فنائها كانت شارعة قصاد الجهة الشرقية للمسجد الشريف.
- ولاحظ معي أخي القارئ أن حجرات النبي صلى الله عليه وسلم كانت بسيطة ومتواضعة رغم أنه كان صلى الله عليه وسلم بمثابة ملك العرب والمسلمين وبإمكانه أن يكون له قصور فارهة، ولكنه أراد حياة البساطة والتواضع لأنه مشرع لنا ، ولأنه لا يريد الدنيا وزينتها إنما كان طموحه الآخرة وجنتها!!
- وكان كذلك أثاث حجرات النبي صلى الله عليه وسلم بسيطاً جداً - حيث كان يحتوي على حصير صغير من سعف النخل وكرسي من خشب أسود ووسادة من أدم حشوها ليف وفراش بسيط وأواني للطبخ بسيطة جداً .
- قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد عن فراشه صلى الله عليه وسلم: كان ينام على الفراش تارة، وعلى النطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رماله، وتارة على كساء أسود، قال عباد بن تميم عن عمه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى، وكان فراشه أدما حشوه ليف، وكان له مسح ينام عليه يثنى بثنيتين وثني له يوما أربع ثنيات فنهاهم عن ذلك وقال: ردوه إلى حاله الأول فإنه منعني صلاتي الليلة. والمقصود أنه نام على الفراش وتغطى باللحاف. وقال لنسائه: ما أتاني جبريل وأنا في لحاف امرأة منكن غير عائشة. وكانت وسادته أدما حشوها ليف.