ما هو وصف ابن القيم للحور العين

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٠٣ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لابن القيم رحمه كتاب اسمه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " جمع فيه ما ورد في النصوص الشرعية من القرآن والسنة والآثار عن نعيم الجنة عموماً وهو من أفضل ما جمع وكتب في مجاله ، ومن نعيم الجنة الذي ذكره : الحور العين .

فذكر في كتابه شيئاً من جمالهن ووصفهن وعددهن وأفعالهن وحسن تبعلهن لأزواجهن وتحببهن وغير ذلك ، وكل ذلك ليس من كلامه ووصفه هو وإنما مما وردت به النصوص والآثار.

وسأذكر لك مختصراً من كلام ابن القيم رحمه الله في ذلك حيث صاغ بعبارة رائقة جميلة لطيفة شيئاً مما وردت فيه النصوص بخصوص وصف الحور العين :

"... وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم - يعني أزواج أهل الجنة - فهمَّ الكواعبُ الأتراب اللاتي جرى في أعضائهنَّ ماءُ الشباب ، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود ، وللرمّان ما تضمنته النهود ، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور ، وللرِّقةِ واللطافةِ ما دارت عليه الخصور.

تجري الشمس من محاسن وجهِها إذا برزت،ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت،إذا قاَبَلت حِبَّها فقل ما تشاء ُ في تقابل النيِّريْنِ ، وإذا حادثَتهُ فما ظنك بمحادثة الحِبَّين ، وإن ضمّها إليه فما ظنُك بتعانق الغصنين .
يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاّها لمعانها ، ويرى مُخَّ ساقها من وراء اللحم ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حُلَلها ، لو اطّلعَتْ على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً ، ولَطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، ونصيفُها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها ، لا تزداد علــى طول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً ، ولا يزداد لهـا طول المدى إلا محبةً ووصالا .

 مُبرَّأةً من الحبل والولادة والحيض والنفاس ، مُطهرَّةً من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر الأدناس ، لا يفنى شبابها ولا تبلى ثيابها ، كلما نظر إليها ملأت قلبه سروراً ، وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نوراً ، وإذا انتقلت من قصرٍ إلى قصرٍ قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها ، وإذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة ، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة ، وإن غنَّت فيا لذة الأبصار والأسماع ... ".

وقد جمع ابن القيم هذه الصفات للحور العين أيضاً في أبيات نظمها موجودة في قصيدته المعروفة باسم " النونية " ، ومما قاله فيها :
       
        يا خاطب الحور الحسان وطالباً ..... لوصالهن بجنة الحيوان

    لو كنت تدري من خطبت ومن ..... طلبت بذلت ما تحوي من الأثمان

    أو كنت تدري أين مسكنها جعلت ..... السعي منك لها على الأجفان

       أسرع وحدث السير جهدك إنما ..... مسراك هذا ساعة لزمانِ

    فاعشق وحدّث بالوصال النفس ..... وابذل مهرها ما دمت ذا امكانِ

     فاسمع صفات عرائس الجنات ثم ..... اختر لنفسك يا أخا العرفانِ

     حمر الخدود ثغورهن لآلئ ..... سود العيون فواتر الأجفانِ

   والبرق يبدو حين يبسم ثغرها ..... فيضيء سقف القصر بالجدرانِ
 
إلى آخر ما قاله في نونيته رحمه الله وهي أبيات جميلة عذبة العبارة أنصحك بمطالعتها.

والله أعلم