ما هو معنى رغم أنف أبي ذر التي ذكرت في حديث (وإن زنى وإن سرق...)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٦ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نص الحديث هو: عن أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه ثَوْبٌ أبْيَضُ، وهو نَائِمٌ، ثُمَّ أتَيْتُهُ وقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقالَ: (ما مِن عَبْدٍ قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ علَى ذلكَ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ علَى رَغْمِ أنْفِ أبِي ذَرٍّ وكانَ أبو ذَرٍّ إذَا حَدَّثَ بهذا قالَ: وإنْ رَغِمَ أنْفُ أبِي ذَرٍّ)

- ومعنى جملة (رغم أنف) أي صار أنفه الذي هو رمز العزة والارتفاع والعلو والأنفة والكرامة في التراب.

- والمقصود بالرغام: هو التراب، فكانت العرب سابقاً ولا يزالون يشمخون بأنوفهم ويفتخرون بعلوها عن الأرض فقوله (رغم أنف) أي صار أنفك في التراب والطين وهو كناية عن الذل والصغار والإهانة.

- والحديث هنا يوضح بأن من شهد بأن لا إله إلا الله ومات موحدا حتى لو ارتكب الكبائر، وخاصة  الزنا والسرقة والعقوق وغيرها من المعاصي والذنوب أنها لا تنقض إيمان صاحبها بالكلية ولكنها تنقص من كمال إيمانه بقدرها

- كما أن الذنوب والمعاصي مهما تعاظمت لا تحجب صاحبها عن دخول الجنة ولا تجعل آخرته خالدا في النار.

- حتى وإن مات مصراً على فعلها. فلا نجزم أنه في النار بل نقول إنه في مشيئة الله عز وجل إن شاء الله أدخله الجنة وعفا عنه وهو الغفور الرحيم.

- وإن شاء أدخله النار وعذبه بها وهو العزيز الحكيم. ثم بعد ذلك يخرجه من النار برحمته طاهراً مطهراً إلى الجنة، وذلك ما دام لقي ربه على التوحيد لا يشرك به شيئاً.


- وقد وضح النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة العقائدية ‏ لأبي ذر رضي الله عنه عندما ظنّ أبي ذر أن الكبائر قد تحول دون دخول صاحبها الجنة حتى وإن أتى بالتوحيد،

- فبين له النبيّ ‏ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن هذا الظن خاطئ‏ وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث مرات أن من مات على التوحيد دخل الجنة وإن أصاب من المعاصي والذنوب ما أصاب،

- فإن كان ممن عصمهم الله تعالى من الدخول في الكبائر فهو من أول الداخلين بمشيئة الله تعالى، وإن مات مصراً على اقتراف الكبيرة فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وعفا عنه، وإن شاء عذبه بقدر ما يتطهر من ذنوبه ثم يدخله الجنة،

- قال النووي رحمه الله: واعلم أن مذهب أهل الحق من السلف والخلف أن من مات موحداً دخل الجنة قطعاً على كل حال، وإن كانت له معصية كبيرة ومات من غير توبة فهو في مشيئة الله تعالى، فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولاً وجعله كالقسم الأول وإن شاء عذبه القدر الذي يريده سبحانه وتعالى ثم يدخله الجنة فلا يخلد في النار أحد مات على التوحيد ولو عمل من العاصي ما عمل، كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من البر ما عمل.

وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الحديث:

إن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه وفاسق بفعله وكبيرته هذا في الدنيا، أما في الآخرة فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء الله عذبه.

- وإن دخل مرتكب الكبيرة النار فلا يخلد فيها ما دام أنه مسلم ومات على التوحيد، فيعذب في النار على قدر ذنوبه وكبائره ثم يخرج منها برحمة الله تعالى ويدخل الجنة.

- وهذا ما يفسر حديث أبي ذر (وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر) أي أن أهل الكبائر قد يحصل منهم السرقة والزنى ولكنهم في آخر الأمر يعفو الله تعالى عنهم، بعد دخولهم النار وعذابهم بها. 
والله أعلم.