ما هو معنى الأمر اغضض الوارد في سورة لقمان

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٤ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
قال الله تعالى: (وَأقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) سورة لقمان (19).

- هذه الآية هي آخر وصية من وصايا لقمان الحكيم لابنه وهي عدم رفع الصوت من غير حاجة، والغض من الصوت فيه أدب وثقة بالنفس واطمئنان إلى صدق الحديث وقوته، وما يزعق أو يغلظ في الخطاب إلا سيئ الأدب أو عنده شك في قيمة قوله، أو قيمة شخصه، فيحاول إخفاء هذا الشك من خلال الحدة والغلظة والزعاق!

- ولا يعني غض الصوت عدم الجهر به أو رفعه أحياناً، إنما يكون ذلك في حاجة كالآذان، أو المناداة على الجهاد والتكبير في صلاة العيدين والتلبية في الحج والعمرة، كما ورد في الأثر: (أن أفضل الحج هو الثج والضج) أي رفع الصوت بالتلبية وذبح الهدي لله تعالى.

- والغض من الصوت المقصود منه هو تواضع المتكلم أمام الآخرين، ولا سيما إذا كنتا في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بيوت الله تعالى، أو عند تلاوة القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف، فالحكمة هي رائد الداعية في كل ما سبق.

- ولذلك عقب الله تعالى بعد الأمر بالإغضاض من الصوت، بأنكر الأصوات وهو صوت الحمير فقال تعالى: (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) وهذا فيه تعليل للنهي غبتداء عن رفع الصوت بأنه يشبه صوت الحمار، لأن صوت الحمير أقبح الأصوات وأوحشها، فقد شبه القرآن الكريم أن الذي يرفع صوته عالياً بدون حاجة وبدون أي مسوغ شرعي كالحمار في شدة صوته!!! وهي صورة منفرة ومضحكة في آن واحد.

- وضرب المثل بالحمار لأن الحمار يضرب في الذم البليغ والشتيمة، وكذلك نهاقه، حتى أن الشيطان ينفر من نهاق الحمير، كما ورد في الحديث الصحيح " إذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنها رأت شيطاناً " رواه الجماعة.

- وفي قوله تعالى (لصوت الحمير) اللام هنا للتأكيد، ووحد الصوت وإن كان مضافاً إلى الجماعة، لأنه مصدر والمصدر يدل على الكثرة، وفيها رد على المشركين الذين كانوا يتفاخرون برفع الصوت، كذلك فيها أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاوناً بهم كما ذكره الإمام القرطبي في تفسيره.