إن مبدأ تكميم الطاقة في علم الفيزياء هو مبدأ عام وموسع فكل كمية فيزيائية تعمل تحت مبدأ التكميم حيث ان ثابت التكميم يختلف حتى إذا كانت نفس الكمية فإنها تختلف باختلاف الأبعاد الفيزيائية. فبتطبيق مبدأ الكم ننتقل من الفهم الكلاسيكي للظواهر الفيزيائية إلى مفهوم جديد وهو ميكانيكا الكم وهو منهج يبني عليه نظرية الحقل الكمومي بداية من نظرية المجال الكلاسكية وتعميما لبناء منهج الفيزياء الكم من الفيزياء الكلاسيكية.
إن العالم ماكس بلانك قام بوصف الطاقة على أنه مكون من وحدات صغيرة بشكل متقطع وليست مستمرة ولنفهم معنى التكميم نضرب المثال الآتي أن بعض الأجسام قد تكون قابلة للتكميم وأجسام غير قابلة للتكميم فإذا تم تصميم برج ايفل من الدومينو على ارتفاع متر واحد في هذا الحين برج ايفل قابل للتكميم لأنه قابل للتفكيك لان وحده بناءه يمكن فصلها بشكل فردي أما في حال تم بناء البرج من الخشب ويتم نحتها في هذه الحالة يصبح البرج غير قابل لتكميملان وحدة بناءه لا يمكن فصلها عن بعضها البعض بشكل متساوي وهذا ما أشار إليه بلانك بالنسبة للطيف أنه يتكون من وحدات من الطاقة التي يمكن فصلها وتفكيكها اي انها قابلة لتكميم.
إن العالم ماكس بلانك وصف الطاقة بمعادلتين:
1- المعادلة الأولى:
الطاقة = ثابت بلانك x التردد
2- المعادلة الثانية:
الطاقة = ثابت بلانك الثاني x درجة الحرارة
إن ظهور نظرية الكم في بداية قرن العشرينات وقيامها بحل إشكاليات عدة لم تسطع الفيزياء الكلاسكية حلها ومن هذه الإشكاليات:
1- اعتبار النظرية الفيزيائية الكلاسيكية أن ألوان الطيف الذري يجب أن يغطي كل الأطوال الموجية بنفس الشدة ولكن ما اكتشفه الفيزيائيون ان نتائج التجريبية تتناقض مع ذلك وبشدة حيث أن تصدر الذرات المختلفة موجات ضوئية لها أطوال موجية محددة وخاصة جدا.
2- أن الفيزياء الإحصائية التقليدية فشلت في تفسير المنحى الإشعاعي للجسم الأسود الذي بدوره يقوم بامتصاص كامل الإشعاع الساقط عليه ويقوم بعد ذلك بإعادة إصداره مرة ثانية بشكل كامل وخاصة عند الترددات المرتفعة وهذا ما أطلق عليه لاحقا بالكارثة فوق بنفسجية والذي فشلت الديناميكا الحرارية بتفسير ذلك.
3- شكل الذرة بناء على تصور الفيزياء الكلاسيكية والذي كان يتصور على شكل المجموعات الشمسية في المركز تكون النواة ومن حولها تدور الإلكترونات وهذا التصور يبنى عليه أن الإلكترونات سوف تتعرض لتسارع الجذب المركزي مما يؤدي ذلك الى اطلاقها إشعاع كهرومغناطيسي وهذا يعني أن الاكترونات سوف تفقد طاقتها شيئا فشيئا وتقترب باتجاه النواة حتى تصطدم بها مما أدى العلم إلى نظرية جديدة ليقدم نظريات مختلفة عن شكل الذرة.
نظرية الكم قدمت الكثير من التفسيرات التي ساعدت في تفسير وتحليلات المهمة في علم الفيزياء ومنها:
1- قدمت تصور غريب للعام دون ذريي والذري الذي تصدم العلم ولكن مع ذلك تنجح في تفسير الكثير من حقائق العالم وتعزز صحتها مع الوقت بتقديم تنبؤات علمية غريبة ولكن التجارب العلمية تثبت لنا صحتها مثل دخول ميكانيكا الكم في النقاشات العميقة الفلسفية ومن أهم هذه التجارب الفكرية والمناقشات صديق فاغنر وقطة شرودنجر.
2- قدمت لنا نظريات مثل تفسير كوبنهاغن ويعود ذلك إلى بور وزملائه والذي أكدوا أن الطبيعة الاحتمالية لتنبؤات الكم لا يمكن أن تفسر بأي نظرية حتمية والتي تعتبر صفة أصيلة ومتأصلة في طبيعتنا التي نعيش فيها وليس نقصا للمعلومات والمعرفة مما نستنج أن نظرية الكم تعتمد في وصف قوانين الطبيعة بما يمشي مع طبيعتها الاحتمالية.
3- ومن التفسيرات التي اجتازت بغرابتها نظرية الكم نظرية العوالم المتعددة لإيفريت حيث تنص هذه النظرية أن جميع الاحتمالات التي طرحتها نظرية الكم تحدث بالحقيقة ويتزامن معها عدد من العوالم المتوازنة والمستقلة وبذلك يكون الكون متشعبا بشكل حتمي وبالتالي كل كون فرعي سوف يكون احتماليا.
4- كما ساهمت نظرية الكم بتفسير يعود إلى ديفيد بوم والذي افترض وجود دالة موجية غير محلية عالمية تسمح للجسيمات البعدة بان تتفاعل مع بعضها بشكل سريع وفوري مما يؤكد لنا أن الواقع الفيزيائي ليس جسيمات منفردة متفاعلة مع بعضها البعض بل كل واحد غير مجزئ يكون ذو طبيعة متغيرة حركية على الدوام.