ما هو علاج الشك، وهل ممكن السحر يكون سبب فيه؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
٠٧ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
   عندما ننظر مفهوم الشك علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الفرق ما بين الشك النفسي" السيكولوجي سواء كان من نوع الشك المقبول أو الاعتيادي، والشك المرضي، والشك الملازم للشخصية. والشك الفلسفي المعرفي، سواء كان من الشك المنهجي " النسبي" والشك المذهبي "المطلق". هنا سأتطرق للشك من الناحية النفسية الفلسفية فقط. 

  فالشك الاعتيادي أو المقبول أو السوي هو ما نواجهه كل يوم، فالطالب قد يشك بإجابته في الامتحان، والموظف قد يشك أنه أغلق باب منزله بعد خروجه، والشخص قد يشك أنه توضأ أم لا أو أنه صلى الظهر أربعًا أم خمس ركعات. وهذا الشك قد يكون بدليل أو هو مجرد أوهام، لكن طالما كان هذا الشك ليس دائمًا أو يوميًّا فلا مشكلة في حدوثه، وطالما كان لحظيًّا وانتهى بانتهاء الموقف فيعتبر ظاهرة صحية ووظيفة ذهنية تجعل العقل متزنَا ويقظًا. 

أما الشك الملازم للشخصية هو سمة من سمات شخصية الإنسان الذي لديه صعوبات في التعامل مع الآخرين وحتى أقرب المقربين له، حيث تبدأ هذه الصعوبات في ظهور الشكوك المختلفة حول الآخرين دون توافر أدلة منطقية واضحة، إظهار العداوة ضد الأشخاص المختلفين دون سبب، القيام بتفسيرات سلبية تشاؤمية للعديد من الأمور الحياتية، الظن السيء بالآخرين برغبتهم باستغلال المتشكك ماديّا أو معنويًّا، ورغبة الآخرين بإلحاق الضرر به، كما يفقد الشعور الثقة بالآخرين مهما بلغت قرابته لهم وشعوره بتعدي الآخرين على حقوقه ومحاولة اختراقها، لذلك لن يتقبل النصح بتاتًا من أي فرد. هذه الشخصية المضطربة نتجت عن خلل في التربية والتنشئة الخاطئة إما بسبب المشاكل العائلية التي أثرت في نفسيته وأفقدته الثقة بمن حوله ليصبح أكثر عدائية، أو العزلة الاجتماعية الزائدة بسبب خوف عائلته عليه، وعدم اختلاطه مع الآخرين ليصعب عليه فيما بعد التواصل مع الآخرين مع الخوف والشك بمحيطه، ليصبح مترددًا خجولًا، مع تعرضه للضغوطات النفسية وصعوبة تغلبّه عليها في المواقف. 

أما الشك المرضي أو الاضطراب الضلالي فيصدر من معاناة مع الأوهام والتخيلات والهلوسات التي لا أساس لها على أرض الواقع، وتدور مخيلته حول نظرية المؤامرة من حوله، لتتطور أزمته وينسج من خيالاته سيناريوهات مفزعة وليّ عنق الحقيقة لدعم أفكاره الارتيابية ودون وجود أدلة كافية أو حتى مقنعة. وهذا يؤدي لضرر لمن يتم الشك به، وقد يؤدي لتفكك الأسر، وتردي العلاقات، ويزداد الشعور بالقلق النفسي والاكتئاب، مع التأثير العام على الجو الأسري وثباته والمحافظة على كينونته. تنقسم أعراض الشك المرضي إلى قسمين الأول يسمى بالأفكار الوسواسية المتكررة  (OBESSIONS)، والثاني يسمى بالأفعال القهرية (COMPULSIVES)، قد يرتبط الشك المرضي بمرض الوسواس القهري لكن الأخير يتصف بتكرار بعض الممارسات إجباريًّا وقهريًّا بالرغم من المحاولات المتكررة لتجاهل المواقف ومحاولة تغيير الممارسات أو التصرفات. 

يمكن للشك عامةً أن يحدث بسبب الآتي: 

·         عوامل جينية ووراثية: أي وجود الشك المرضي لدى أحد أفراد العائلة. 

·         عوامل بيئية: نتيجة الإصابة بعدوى أو التهابات. 

·         عوامل بيولوجية: بسبب حدوث تغير في كيمياء الدماغ مما يؤثر على أدائه. 

·         وجود تاريخ من الاعتداء الجسدي المادي أو المعنوي في أي مرحلة من مراحل الحياة. 

·         وجود صدمة نفسية سابقة من الطفولة أو البلوغ. 

قد يربط البعض وجود الشك المرضي القهري أو الوسواسي بحدوث السحر، وبالرغم من ثبات وجود السحر في القرآن والسنة، إلا أن أغلب ما يصاب به الأشخاص هي دلالة على الأمراض النفسية لا السحر، الذي له أعراض تختلف عن المرض النفسي، ولا يمكن معالجتها بالعلاج السلوكي أو الدوائي. فبعد استنفاد هذين النوعين من العلاج يمكن ربط ما بالشخص من أعراض، والتي يتم التخلص منها بالرقية الشرعية وقراءة القرآن والالتزام بالصلاة. مع قناعتي الشخصية التامة بأن الملتزم بالرقية الشرعية وقراءة الأذكار اليومية لن يصبه سحر بتاتًا. 

علاج مرض الشك: 

هناك عدة سبل للعلاج من مرض الشك، وهذا يعتمد على نوع الشك، والمنهجية المتبعة والبروتوكلات، ويعتمد العلاج على الحالة النفسية، والحالة الاجتماعية، والمعتقدات التي يتبعها. لذا يمكن استخدام وسائل للعلاج وهي: 

-العلاج الشرعي: 

وذلك بالالتزام بالمعتقدات الدينية للشخص، والالتزام بأحكامه، وللتخلص من الوساوس والأوهام. واللجوء لله في كل وقت. 

- العلاج النفسي Psychotherapy  العلاج الحسيّ السلوكيّ CBT: 

وذلك باستخدام التعرض والاستجابة بتعريض المصاب بالتدريج لما يتخوف منه المريض ويرتعب منه، ليتمكن من إبعاد وإزالة هذه المخاوف بعد مقاومتها. يمكن أن يتعلم المريض كيفية التعايش مع أفكاره وأوهامه لتصبح حياته أفضل بتقديم الطبيب أو المعالج النفسي طرق وأدوات لكل مريض حسب تشخيص حالته.  

- العلاج الدوائي: 

تستعمل الأدوية لعلاج الشك الوسواسي، مثل مضادات الاكتئاب، لكنها تحتاج لوقت طويل نوعًا ما ليؤدي المطلوب، منها أدوية كلوميبرامين (Clomipramine)، فلوكستين (Fluoxetine)، فلوفوكسامين (Fluvoxamine)، سيرترالين (Sertraline)، وباروكستين (Paroxetine)، مع الانتباه للجرعات، والاختيار المناسب للدواء الفعال والفئة العمرية التي تتناسب مع الدواء، والأعراض الجانبية التي يجب مراقبتها ومشاركتها من المريض وأهله. 

- الإجراءات البديلة والتكميلية: 

تساعد هذه الإجراءات على تحسين الأعراض، لكنها يجب أن تكون متزامنة مع العلاجات الأساسية، وبالتعاون مع الطبيب، من هذه الإجراءات: 

*التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة  (rTMS): 

من خلال وضع جهاز قرب جبهة المريض يولد مجال مغناطيسي، ليسبب حدوث تيار كهربائي يحفز خلايا الدماغ ليزيد أو يقلل نشاطه لتحسين أعراض الوسواس القهري. 

 *استخدام د-سيكلوسيرين (D-cycloserine) كمكمل للعلاج النفسي: 

هذا دواء يستخدم لعلاج السل، ويساعد في السيطرة على المرض النفسي بالتزامن مع استخدام العلاج النفسي، شريطة عدم استخدامه مع مضادات الاكتئاب لأنها تؤثر على فعاليته. 

ففي دراسة عشوائية أقيمت في أحد المراكز الطبية بمشاركة 128 شخص مصاب بمرض الوسواس القهري من خلال تقسيمهم إلى قسمين الأول تناول دواء د-سيكلوسيرين والآخر تناول دواء وهمي لمدة 12 أسبوع، وأظهرت النتائج أن استخدام دواء د-سيكلوسيرين لتحسين سلوك المصاب بالوسواس والشك قد يكون واعدًا، بشرط عدم استخدامه مضادات الاكتئاب لأنها تؤثر على فعاليته. 

* التمارين الرياضية: 

الرياضة تساعد على إفراز الهرمونات التي تعيد نشاط الإنسان وتكسبه السعادة. يمكن الاستعانة بالتمارين الهوائية لأنها تحسن أعراض الاكتئاب، وتقلل مستويات التوتر والقلق والشك. 

كيف يمكن التعامل مع المصاب بالشك: 

1. تجنب النقد الشخصي، والتنمر على الشخص، والابتعاد عن عقد المقارنات. 

2. الابتعاد عن الضغط على الشخص لتغيير سلوكياته، أو التوقف عنها. 

3. النظر بشكل إيجابي تجاه المريض، والإطراء على محاولاته لمقاومة المرض أو أي سلوك إيجابي يقوم به لمعالجة وضعه. 

4. التعامل مع المريض بشكل طبيعي، وتعزيز الحياة الأسرية الطبيعية، واعتماد الفكاهة والابتسامة للتقليل من صيرورة المرض. 

5. التعرف على المرض أكثر من خلال القراءة عنه والاستفسار من المعالج أو الطبيب النفسي. 

6. مساعدة المريض من خلال محادثته والتحاور معه. 

7. المحافظة على رباطة الجأش والصبر خلال التعامل مع المريض. 

المراجع: