الدعاء بطوله كما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ).
وألفاظ الحديث واضحة المعنى تقريباً: فالنبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله يعني يلجأ إليه من أربعة أمور:
- من زوال النعمة يعني ذهابها، والنعمة هنا تشمل أي نعمة سواء في أمور الدين أو الدنيا، كزوال نعمة الهداية والصلاح، أو زوال نعمة المال.
- ومن تحول العافية، يعني استبدال العافية في الصحة بالمرض والسقم.
- ومن فجاءة النقمة، يعني نزول البلاء المفاجئ بالعبد الذي يكون سببه انتقام الله من عبده لمعصيته وغفلته وإصراره على ذلك رغم قيام الحجة عليه .
وهذه الأمور الثلاثة من زوال النعمة وتحول العافية ونزول النقمة والعذاب بالعبد سببها في الأصل هو ذنوب العبد ومعاصيه التي يكون من شؤمها على العبد نزول البلاء وتحول النعم وزوالها كما أخبر الله عن ذلك في عدة آيات منها:
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).
(فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة..).
فهذه الآية الأخيرة هي معنى قوله عليه السلام (فجاءة نقمتك).
وفي المقابل فإنه بالشكر تدوم النعم كما قال تعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم)
وهو لما يستعيذ بالله من هذه الأمور فهو يستعيذ من مسبباتها في حقيقة الأمر وهي الذنوب، فهو يستعيذ من الذنوب وشرها وأثارها المؤدية إلى زوال النعمة وتحول العافية ونزول النقمة.
ثم في ختام الحديث استعاذ بالله تعالى من كل مسببات سخطه تعالى وآثارها، فدخل في ذلك ما سبق ذكره من زوال النعمة وتحول العافية ونزول النقمة ودخل فيه غير تلك الصور التي قد تكون من آثار سخط الله على العبد والعبد لا يدري، كقسوة القلب ونزع محبته من قلوب العباد، وغير ذلك.
فهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها عليه الصلاة والسلام.