أثار سؤالك هذا الجدل منذ الأزل، فمن أيام الإغريق القدماء حتى يومنا هذا ما زال يتم إجراء الكثير من الدراسات والبحوث في السعي للوصول لحقيقة هذا المرض ولكن الدراسات الجديدة أظهرت أمراً مثيرا للاهتمام ولكن مع ذلك لا يزال السبب غير مفهوم بصورة واضحة .
كان في القدم يعتقد أن السبب وراء الجنون هو مس شيطاني أو روح ملعونة تسكن الجسد أو أن ما يحدث إنما هو غضبٌ إلهي أو أن أخطاء المرء أحاطت به وكان يعتقد أن جميع الأمراض النفسية سببها ذلك، ولكن مع تطور العلم، قال بعض الباحثين بالعصور الوسطى أن السبب يرجع إلى خلل جسدي بالتأكيد وأن الخلل لابد أن يكون بالدماغ، ولكن لعدم توافر الوسائل المناسبة في وقتهم ذاك، كل ما قاموا هو التدوين عسى بالأجيال اللاحقة أن تقوم باكتشاف السبب مع تقدم العلم، حيث يصعب إجراء الدراسات على الدماغ.
وفي بداية القرن التاسع عشر تم اكتشاف طرق التصوير المتنوعة، وبدأ العلماء بدراسة النظريات المتعلقة بالجنون والبحث عن أسبابٍ مؤدية له، وقد ساعدت في الكثير من الاكتشافات ولكن لا أحد منها متعلق بالجنون نفسه، بل تم إخراج بعض الأمراض التي كان يعتقد بالماضي أنها جنونٌ أصيب به المرء، مثل مرض الزهايمر، حيث قام العلماء باكتشاف سبب عضوي بالدماغ يؤدي لحدوثه ألا وهو تجمع أحد البروتينات المعقدة الغير طبيعية التي لا تستطيع الأجساد البشرية تحطيمه والذي يسبب تدمير الخلايا العصبية.
كما تم اكتشاف أن العديد من المصابين بالجنون لا يملكون أي مشكلات دماغية، وكن الأمر هو حدوث نشاط غير طبيعي في بعض مناطق الدماغ وتثبيت بعض المناطق الأخرى، ولكن للآن لم يتم فهم كيف يحدث ذلك، لذلك بدأ العلماء باختبار عدة أمور قد تكون المسبب لهذا المرض وشمل ذلك البيئة المحيطة والدراسات الجينية والوراثة وكيميائية الدماغ.
وتم التوصل لعدة عوامل قد تسبب الجنون منها:
- الجينات والوراثة، ولكن تم استنتاج ذلك من أن بعض المصابين بالأمراض النفسية على وجه العموم لهم أقارب مصابين أيضاً، وبناءً على هذا الافتراض تم الحكم بذلك وما تزال تجرى الدراسات عن الطفرات التي تؤدي لذلك.
- العوامل البيئية والاجتماعية: وتشمل جميع الأمور التي قد يتعرض لها الأشخاص مثل خلقهم بالرحم وحتى يومهم هذا، فتشمل التعرض للسموم البيئية والكيماويات أو القيام بتعاطي المخدرات والكحول، وقد يكون ذلك في رحم الأم من خلال تعاطيها، أو قد يكون السبب التعرض للعدوى الدماغية، أو الجانب الاقتصادي الذي يؤدي لرفع التوتر والقلق وهي إحدى الأمور التي تسبق الجنون، كما قد يكون الأمر الجانب التعليمي والثقافي التي قد تكون أحد أسباب العنف الأسري، أو التعرض للصدمات العاطفية في الطفولة أو حتى البلوغ كالاغتصاب والضرب وفقدان العزيز وغيرها من الأمور.
- قد يكون الأمر هو الجانب العضوي كما اقترحت النظريات الأقدم، حيث لوحظ زيادةٌ في بعض النواقل العصبية الدماغية بالمرض مثل الدوبامين ولكن لم يفهم سبب حدوث مثل هذا الأمر للآن، ولكن زيادة هذا الناقل تحدث بالجنون وغيره من الأمراض فلا يعتبر ذلك مسبباً للمرض.
وكما لاحظت أن الأسباب هي الأسباب الخاصة بكل الأمراض العقلية وليست الجنون وحده، ولكن قرأت دراسة مثيرة للاهتمام قام بها أحد الباحثين النفسيين مؤخراً على بعض الطلاب المتطوعين، حيث قام بتنويمهم مغناطيسياً وتعريضهم لمختلف الظروف البيئية والاجتماعية، وقد لاحظ لديهم حدوث العصبية والقلق والتوتر وجنون العظمة وغيرها من أعراض الجنون، مما أدى به للتوقف عن الدراسة قبل إصابتهم به بشكل أكيد، وخرج بالمعلومة التالية، وهي أن الجنون لا يسببه عامل واحد ولا يحتاج الاستعداد الجيني أو الوراثي أو التعرض لظروف معينة منذ الصغر وكل هذا،
ولكن الجنون يمكن زرعه بأي شخصٍ كان وفي أي وقت عند توافر العديد من الظروف المسببة له مجتمعة، فهو اضطراب جسدي ونفسي جنبا إلى جنب في آنٍ واحد.ويمكنك القراءة عن مسببات الأمراض النفسية من خلال القيام بالنقر على الرابط
التالي.
المصادر المرجعية المستخدمة: