أولاً: إذا كانت خطيبته بمعنى عقد العقد الشرعي عليها ولكنه لم يتزوجها بعد رسميا ولم ينقلها إلى داره، فهذه المخطوبة تعتبر زوجته شرعاً، ولا يعد جماعه لها زنا أصلاً وليس عليه في ذلك شيء، وإن كان هذا الفعل خطأ لا ينبغي له الإقدام عليه أثناء فترة الخطوبة لما قد يترتب عليه من المفاسد.
فلو حصل وطلقها أو توفي عنها وظهر منها حمل فإن ذلك سيقود إلى مشاكل ومفاسد كبيرة لا تحمد عقابها
ثانياً: أما إن كانت خطيبته بمعنى أنه وعد بخطبتها أو جرى كلام بشأنها لكنه لم يعقد عليها عقداً شرعياً، فإنها تعد أجنبية عنه محرمة عليه، فلو جامعها فإن ذلك يعتبر زنا.
فلو وقع ذلك ثم تابا من زناهما ومعصيتهما فزواجه منها صحيح وهو أولى من تركها ومصيبتها التي وقعا فيها بشرط أن يحافظ عليها ويحسن إليها، والواجب عليهما أن يسترا على نفسيهما على كل حال ولا يطلعا أحداً على ما وقعا فيه من المعصية.
فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له وليس من شرط التوبة من الزنا إقامة الحد على الزاني أو رفع الأمر إلى القاضي المسلم، بل المستحب هو توبة العبد فيما بينه وبين الله وستره على نفسه، وكان النبي عليه السلام إذا شهد عنده أحد بالزنا على نفسه أعرض عنه بادئ الأمر وعرض له بالتوبة فيما بينه وبين والله.
وروي عنه أنه قال (أيُّها النَّاسُ قد آنَ لَكُم أن تنتَهوا عن محارمِ اللَّهِ فمن أصابَ منكم مِن هذِهِ القاذوراتِ شيئًا فليستَتِرْ بسِترِ اللَّهِ؛ فإنَّهُ مَن يُبدِ لَنا صفحتَهُ نُقِمْ عليهِ كتابَ اللَّهِ).
وما داما قد تابا من معصيتهما فإن زواجه بها مستحب لأنه يفرج عنها بذلك كرباً ويفك ضيقاً، لأنه لو تركها بعد ذلك فإنها ستعيش حياتها خائفة من الفضيحة.
ولكن يشترط عند جماهير العلماء قبل زواجه بها استبراءها بحيضة، ليعلم براءة رحمها وأنه لم تحمل من الزنا، لأن حملها من الزنا لا ينسب له شرعاً، بخلاف حملها منه بعد الزواج، فكل حمل حكمه لذلك كان لا بد من التبين، وإن كان الإمام أبو حنيفة لم يشترط ذلك إذا كان سيتزوج ممن زنى بها.
أما إذا كانت خطيبته فاسقة فاجرة لا تبالي بحرام أو حلال، فمثل هذه الفاجرة الزانية غير التائبة لا يجوز له الزواج منها على الصحيح لأن ذلك نوع دياثة وعدم غيرة على العرض، والله قال (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك).
قال ابن تيمية رحمه الله قال: (نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف، منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة)..
والله أعلم