ما دامت صالحة ولا ترى سببا لطلاقها سوى كرهك لها دون سبب فالطلاق مكروه في هذه الحال ، والأولى بك إن كانت كما ذكرت على صلاح ولا يعيبها شيء في نرك سوى أنك لا تشعر بقلبك محبتها هو ان تصبر عليها وتعطيها حقها وتتقي الله فيها وتسأل الله أن يلهمك الصلاح والسداد في شأنك ، فلربما انقلب كرهك هذا محبة ولربما اطلعت منها على خصال تدفعك لحبها .
وذلك أن الطلاق والحال كما ذكرت مفسدته راجحة على مصلحته ومضرته أكبر من منفعته ، وفيها إفساد لبيت قائم وضرر على الأولاد - إن كان بينكما أولاد- وفيه جرح للمراة وإيذاء لها ، وتقطيع للأواصر بين العائلات ، وطالما لا توجد مفسدة في الزواجة تجعلك تتحمل هذه المفاسد فإن الطلاق يصبح في هذه الحال هو المفسدة .
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة ولاسلام قال " إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ."
فهذا الحديث واضح أن التفريق بين الزوجين هو من اعظم مقاصد إبليس لما يعلم أن في ذلك من المفاسد العامة والخاصة .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة السلام قال" لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ "
ومعنى لا يفرك : لا يبغض ، يعني لا ينبغي للمسلم ان يحمله كراهية خلق في زوجته على بغضها وطلاقها بل ليوازن فإنه غن كره خلق سيرضى لها آخر ، ومن ذا الذي يخلو من العيب .
وفي القران جاء في سورة النساء ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثير )
فلا يعلم العبد وجه الخير له ، وإنما عليه أن يصبر ويحتسب ويرجو من الله الخير .
وهذا كله إذا لم يصل الزوج إلى مرحلة لم يعد يطيق فيها العيش مع زوجته وفي بقائه مفسدة أكبر وتقصير في حقوقها رغم عدم وقوعه في معاص دفعته إلى ذلك، فالأمر في هذه الحالة له شان آخر ينظر فيه .
والله اعلم