إذا كان الغمز بالعين يقصد به الاستهزاء والسخرية من أحد الحاضرين أو غيبة أحد الغائبين عن المجلس بالطعن فيه والتلميح إلى مغمز فيه فهو محرم لا يجوز ، أما إذا كان الغمز بالعين خال عن السخرية والغيبة والاستهزاء وإنما هو لمجرد الضحك والمرح فهو مباح إن شاء الله ، فليس التحريم لمجرد الغمز وإنما لما فيه من الاستهزاء والسخرية والغيبة .
قال تعالى " ويل لكل همزة لمزة "
قال ابن كثير رحمه الله " الهماز : بالقول ، واللماز : بالفعل . يعني : يزدري بالناس وينتقص بهم ... قال ابن عباس : ( همزة لمزة ) طعان معياب . وقال الربيع بن أنس : الهمزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة من خلفه . وقال قتادة : يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم ".
وفي سورة القلم " هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)"
قال الطبري " وقوله: ( هَمَّازٍ ) يعني: مغتاب للناس يأكل لحومهم " .
وقال تعالى في سورة المطففين" إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30)"
قال الطبري " وكان هؤلاء الذين أجرموا إذا مرّ الذين آمنوا بهم يتغامزون؛ يقول: كان بعضهم يغمز بعضا بالمؤمن، استهزاء به وسخرية".
وقال تعالى في سورة الحجرات " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) ".
فمدار التحريم والذم للغمز واللمز في الآيات السابقة جميعها هو على ما كان فيه استهزاء وسخرية وغيبة ، أما ما خلى من ذلك ولم يكن فيه إيذاء لمسلم بوجه من الوجوه فلا يدخل في النهي السابق .
والله أعلم