اولا : يجب أن تعلم أن التبرك يقصد به طلب البركة من الشيء المتبرك به ، والبركة أمر غيبي لا تثبت إلا بنص شرعي ، وطلب مثل هذه البركة تعتبر عبادة بحاجة أيضا إلى توقيف ونص من الشرع على جوازها .
ثانيا : وردت النصوص بجواز التبرك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام حال حياته كما كان الصاحبة يتبركون بآثاره ووضوئه وشعره وعرقه عليه الصلاة والسلام ، أو بعد مماته حيث كانوا يتبركون بشعره أو لباسه بعد مماته ، كما ورد عند أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها كنات تحتفظ بجبة النبي عليه الصلاة والسلام وكانوا يخرجونها للمرضى يستشفى بها بغسلها ونحو ذلك ، فما وردت النصوص الشرعية بإقراره فهو جائز .
ثالثا : لم يرد نص شرعي بالتبرك بغار حراء أو زيارته أو الذهاب إليه أو ذكر أي فضيلة لذلك ، ولم يذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه زار الغار مرة أخرى بعد نزول القران عليه فيه لا أثناء الدعوة المكية ولا بعد فتح مكة ، فلم يذكر عنه زيارته له أو دعوته إلى زيارته وطلب البركة منه ، ولم يفعل ذلك الصحابة ولا التابعون ولا السلف الصالح .
وبناء عليه فإن زيارة غار حراء لطلب البركة منه تعتبر عبادة لم يرد فيها نص شرعي فهي بدعة لا يجوز فعلها لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وهذه الزيارة فيها إحداث أمر ليس عليه دين النبي وسنته وإنما هو اختراع بالعاطفة المجردة ، وفيها ذريعة من ذرائع الشرك لذلك ينهى عنها .
قال ابن تيمية رحمه الله ( وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك فإنه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك ، بل هو بدعة) .
أ
ما من قصد زيارة الغار للمعرفة والنظر فقط دون التعبد والتقرب فهو مباح إن شاء الله .
والله اعلم